هل فكرت يومًا، لماذا ارتفعت نسب الانتحار في عالمنا الذي بلغ شأنًا كبيرًا من التقدم وسهولة الحياة وكثرة وسائل التسلية والترفيه؟! وهل تساءلت يومًا لماذا تخبرنا الإحصائيات أن النسبة الأكبر من الشعب في بلد متحضر كبلدنا يتعاطون الأدوية المهدئة أو يعتمدون على العقاقير والعلاجات النفسية؛ أو لماذا انتشر الإدمان وزادت الحاجة إلى المخدرات بين قطاعاتٍ واسعةٍ من الشباب.
أليس هذا أمرًا غريبًا أن تكون هذه الظواهر الاجتماعية وغيرها تتزايد في مجتمعات تعيش رفاهية التقدم؟! وكيف نبرر تزايد أفلام العنف والجنس وتزايد الإقبال عليها؟! ناهيك عن أفلام الرعب والخيال التي تعتمد على نشر الخوف وعلى الاستهانة بعقلية الإنسان وإزلال حريته.
حينما تكون هذه الظواهر شائعة ومنتشرة في مجتمعاتنا – مجتمعات الرفاهية – فإن هذا يخبرنا بالضرورة بأن خللاً أكيدًا قد أصاب نفس الإنسان، وحينما تتزايد أعدادنا طلبًا للعلاج أمام العيادات النفسية، ولا تنجح العقاقير في أن تصنع علاجًا قاطعًا ودواءً شافيًا، وتقوم فقط بدور المهدئات، وحينما تتزايد أعداد مواليد الأطفال الذين يظهر عليهم في سن مبكرة أمراض التخلف والضعف العقلي والتشوهات ويعجز الطب عن إيجاد حل لمشكلة كل هؤلاء رغم هذا التقدم الطبي الهائل الذي أحرزناه؛ فهذا أيضًا يضع علامة استفهام كبيرة ومتحدية أمام العقل البشري، ويشير من طرف آخر إلى عجز العلم عن حل كل مشاكل الإنسان والمجتمع والأسرة، وعن إنقاذ كل هؤلاء الذين يولدون وينشأون معاقين أو متأخرين في الإدراك، ويؤكد أيضًا على ذات الفكرة التي طرحناها الآن أن خللاً جسيمًا يحدث في حياة الناس وفي نفوسهم وأجسادهم وأيضًا عقولهم.
وماذا نقول أيضًا عن ارتفاع معدلات الجريمة، وأعداد حوادث القتل العشوائي.
الطبيب الذي يملك القدرة على علاج المريض، هو بالضرورة صاحب التشخيص الصائب، والتحليل والرؤية الثاقبة لحالة المريض، وأما من يقول كلامًا ونظريات دون القدرة على شفاء المرض وحل المشكلات، فهو أيضًا بالضرورة لم يصل بعد إلى التشخيص الصحيح لمرض المريض ولا القدرة على علاجه.
التحدي العملي المطروح أمام الجميع بناءً على ذلك هو أن يقدموا حلولاً حقيقية لحالة التحلل النفسي التي أصابت الإنسان وأدت بالبشرية إلى كل الظواهر التي استعرضناها.
الإنجيل قدم حلولاً عملية لحياة الكثيرين ونقلها من حالة التدهور النفسي والأُسري وأيضًا العقلي إلى نوال شفاء حقيقي ومستمر، وإعادة بناء الإنسان وقدراته النفسية والعقلية؛ ومن يملك القدرة على إعطاء العلاج فهو الذي قد أصاب في تشخيص الداء.
الإنجيل يشخص حالة التدهور التي أصابت نفس الإنسان وحياته على النحو الذي استعرضناه؛ أنها حالة التحلل النفسي والموت الروحي العميق.
المسيح الذي نجح في أن يخلص الكثيرين من حالة الموت العميق والتدهور النفسي هذا ما زال يستطيع، وبالتجربة العملية أن يهب هذا الشفاء وهذا الخلاص من هذه الحالة لمن يريد ولمن يقتنع ويطلب منه.
لا يمكن أن تُعالِج مريضًا نفسيًا رغم أنفه أو تذهب به إلى الطبيب النفسي رُغم إرادته؛ وكذلك خبرة الحياة الجديدة وشفاء العقل والنفس من التدهور التي يهبها المسيح للإنسان والتي يسميها الإنجيل "الخلاص" أي الخلاص من الموت والتحلل والفناء الذي يسكن نفوسنا وأعماقنا الإنسانية؛ ليحل محلها الفرح والرجاء والحياة والأمل.
الكلام سهل وتسويق الأفكار والسلع لا حدود لطرقه وابتكاراته ولكن الشاهد الحقيقي على أصالة الأمور من عدمها هو التجربة العملية القادرة على أن تغير وتجدد حياة الإنسان، وتهبه فرحًا وهُدُوءًا وسلامًا نفسيًا وأيضًا فكريًا.
إذا كنت تريد مقتنعًا بكامل حرية إرادتك أن تحصل على خلاص المسيح وحياةً جديدةً كما حصل عليها كثيرون قبلك؛ فتابع معنا هذه الأحاديث إن شئت؛ وإذا شئت: شاركنا برأيك
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "التفكير ليس ممنوعًا" اضغط عالرابط التالي