القدير أيضا يبكي دموعا !
نصف قرن من الزمان أخدم إنجيل المسيح ؛ أنفقت الأيام والساعات الكثيرة في السعي وراء خلاص أنفس الآخرين وفي الإقناع والإلحاح عليهم لكي يفتدوا الوقت لأن الايام شريرة؛ منذرا، معلما، محذرا، مجاهدًا بصبر وأناة كثيرة لأنقذ نفوسا أحبها وأشعر بالمسؤولية تجاهها من الحفرة التي أراها واضحة وشيكة أن تبتلعهم ؛ ثم أنها إبتلعتهم أمام عيني ! ولم أعرف حتي اليوم ما الذي جعلهم يضيعون أنفسهم هكذا بأبخس الأثمان ؟!
لكنني دائما كنت أتذكر راعي الغنم الذي سألته لماذا تخشي الذئب وأنتم كثيرون؛ وأنا أعرف أن الذئب لا يهاجم رجلين يسيران معًا أبدا ؟
فأجابني: الذئب إذا كان جائعا فأنه يهجم هجمة مباغتة وسريعة علي نعجة واحدة من القطيع ؛ يعقرها ويفر هاربا في الحقول أو الصحراء؛ ومن جراء عضته للنعجة تصاب بالسعار الذي نقله اليها بلعابه! فتجري النعجة المسعورة وراء الذئب ساعرها حتي يغيبوا كلاهما عن الانظار في الصحراء ؛ فيفترسها!
لقد وصف لي ذلك الراعي بطريقة محسوسة المشهد الذي كنت أواجهه مع النفوس بطريقة روحية : لماذا تجري النفس هكذا مسعورة ؛وراء الشر ولا تري نهايتها المريرة ؟!
دموع غزيرة كثيرة زرفتها في مواجهة لا فصال فيها مع حق الانجيل " أجرة الخطية موت"
فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر ؛ أو ماذا يعطي الانسان فداءً لنفسه ؟!
ثم تساءلت إذا كنت أنا زرفت كل هذه الدموع وهذا الأنين من أجل النفوس ؛ فماذا وكم تكون دموع الراعي الصالح نفسه الذي بذل حياته لأجل خلاص الخطاة؟
لو تحاول أن تجفف دموعه التي يزرفها لأجل خلاصك ؛ في الآخر ستكون أنت الرابح ؛ ربحت نفسك التي لن يعوضك عنها أي شيء!