ما هو الفارق الجوهري بين لاهوت العهد الجديد ولاهوت العهد القديم؟
أعرف جيدًا أن هذا النوع من الأسئلة غير مطروح وغير مجاب عليه علي الرغم من جوهريته في فهم الإيمان المسيحي؛ لسبب واحد هو تغربنا عن تعليم الآباء الأولين من ناحية وإنتشار تعليم الحداثة الغربية من الناحية الاخري.
العهد القديم هو عهد بين الله والإنسان يقوم علي أساس حفظ الشريعه (الناموس)، والشريعة أي القانون أو الناموس تقوم علي أساس الجريمة (أو الخطيئة) والعقاب؛ بدون القانون لا توجد جريمة يُعَاقب عليها؛ وبدون العقوبة يفقد القانون قوته وسلطانه؛ النتيجة التي أثمرها تطبيق الشريعة علي البشر رغم صلاحها هي الإحباط الذي أصاب البشرية "عاشت الخطية ومت أنا" (رو ٩:٧). لماذا ؟! بسبب ضعف الجسد (أي الطبيعة الإنسانية الساقطة) (رو ٨ :٣).
العهد الجديد أساسه التجسد: أن الكلمة صار جسدًا؛ عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد؛ وأن حياة الله قد أظهرت في إبنه المتجسد؛ فمن له الابن له الحياة؛ ومن ليس له الابن؛ فلن تكون له الحياة؛ لأن الحياة هي فقط في الابن فمن ليس له الابن؛ من أين تأتي إليه الحياة؟! لا تأتي بل يبقي كما هو في الموت!
ومن هنا كمثال جوهري نفهم الفارق بين منطق وأدوات كل من العهدين: فالموت في منطق الشريعة عقوبة يوقعها واضع الشريعة علي المتعدي عليها؛ أما في منطق العهد الجديد فهو ثمرة طبيعية للخطية وعدم قبول علاجها بالحياة الأبدية التي أظهرت في إبن الله
" من له الابن له الحياة ومن ليس له إبن الله فليست له الحياة " ( ١يو١٢:٥)
وكذلك الدينونة: ففي لاهوت العهد القديم؛ الدينونة تعني العقوبة التي سيوقعها الله علي العصاة لأوامر الشريعة (نار حاميه أعدها للكافرين)؛ أما الدينونة في لاهوت العهد الجديد فهي أن النور (المسيح) قد جاء إلى العالم؛ وأحب الناس الظلمة أكثر من النور فلم يقبلوه، فظلوا في الظلمة والموت؛ أما الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولادًا لله.
الخلاص في العهد القديم هو "خلاص من أعدائنا؛ ومن أيدي جميع مبغضينا" ( لو ٧١:١)؛ أما خلاص العهد الجديد فهو قبول الابن المتجسد بالإيمان به.
إن وحدة الكتاب المقدس؛ وكل الكتاب موحي به من الله؛ ليس مسوغًا ولا مبرراً للإرتداد عن رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع كأساس للإيمان؛ إلي الأركان الضعيفة والناموس الذي لم يكمل شيئا! (عب١٩:٧).
وهذا هو التشويش والتخبط الذي يتورط فيه الذين لم يعرفوا بعد معني لاهوت العهد الجديد؛ ويقابله بالأحري مجد وبهاء الحياة والتأسيس علي شخص يسوع المسيح إبن الله المتجسد والشركة مع الآب به في الروح القدس.