سألتُ شابًا مسيحيًّا من رواد الكنائس المحسوبين "مؤمنين": ماذا فعل المسيح معك حتى أصبحتَ واحدًا من تابعيه؟
- فأجابني على الفور: إن المسيح قد خلّصني.
-- فسألته: خلّصك من ماذا؟
- فأجابني ثانية: خلّصني من الجحيم ومن عقاب الخطيئة.
-- فقلت له: وكيف تأكدتَ أن المسيح قد خلّصك؟
- فأجابني: بأن غفر لي ذنوبي بموته على الصليب.
ولأنني اعتدتُ أن أكون دارسًا ومعلّمًا للاهوت المسيحي، ولم أقصد تشكيكه بل تعليمه؛
-- قلت له: أنت تؤمن بالمسيح لأنه خلّصك، ولما سألتك كيف خلّصك أجبتَ أنه غفر خطاياك؛ ألا تلاحظ أن إيمانك كله مبنيٌّ على غيبيّات دون براهين منظورة؟
- فأجابني: هكذا يكون الإيمان، أن نؤمن بما لا نراه، وإن كنّا نرى ما نؤمن به؛ فلم يعد بعد إيمانًا.
-- فسألته: وما هو إذًا الفارق بين من يصدّق الإيمان، ومن يصدّق وهمًا أو قصصًا خرافية؟
- فأجاب: الإيمان هو بالله، وبما من عند الله، أمّا الخرافة فهي من عند الناس أو من الشيطان.
-- فسألته: وما الفرق بين الإيمان بالحق، وتصديق الخرافة؟
فسكت متحيّرًا ولم يجب.
- ثم قال لي: لا أعرف، أجبني أنت.
-- فقلت له: نحن لا ننظر ما نؤمن به، لكن ما يميّز الحقيقة عن الوهم هو البرهان؛ فإيمانٌ بلا برهان لا يختلف كثيرًا أو قليلًا عن تصديق الأوهام والخرافات.
- فأجابني: أنت معلّم اللاهوت وتشككني في إيماني!
-- فأجبته: لقد شككتُ لأنك لم تبنِ إيمانك على قوة البرهان، ولكن على تصديق الغيبيات؛ فإيمان بلا برهان هو والعدم والوهم سواء.
- فقال لي: ولكن خلاص المسيح وصليبه أمر قد حدث منذ ألفي عام، وكمؤمنين ينبغي أن نصدّق ما هو مكتوب في الإنجيل.
-- فقلت له: ألم يقل المسيح في الإنجيل: "إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي." (يو 10: 37)؟ فالمسيح إذن أيّد الإيمان به بالبرهان وهو: أنه عمل أعمال الآب.
- فأجاب: حسنًا، ولكن كيف لي أن أعاين برهان أعمال المسيح التي عملها من ألفي عام؟ لذا فعلينا أن نصدّق المكتوب في الإنجيل.
-- فقلت له: ومن الذي قال إن برهان المسيح على أعماله قد انقطع قبل ألفي عام؟ ألم يقل المسيح: "مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي." (يو 14: 12)؟ ألم يقل لتلاميذه: "اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا." (مت 10: 8)؟
- فأجابني: لكن الآيات والمعجزات ليست للجميع؛ أنا مجرد مؤمن بسيط.
-- فقلت له: حسنًا أجبتَ، فالبرهان بالآيات والمعجزات هو مسؤولية الكنيسة، ولكن واجب المؤمنين أن يكونوا قادرين على أن يبرهنوا على إيمانهم بوداعة ومخافة (١ بط ٣: ١٥).
- فسألني: وكيف أبرهن على أن المسيح قد غفر خطاياي وخلّصني؟
-- فأجبته: إذا كان المسيح قد غفر خطاياك، فلا سلطان للشيطان عليك، ولكن الغفران ليس كلامًا ولا أوهامًا، بل هو مُبرهَن بالغلبة على الخطيئة وإبطالها:
"وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ." (1 كو 15: 57)
"... الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ." (عب 9: 26).
- فقال لي: لم أفهم ما هو البرهان على غفران المسيح وخلاصه.
-- فأجبته: البرهان هو أن تكون قد نلتَ من المسيح سلام الله، والغلبة على الخطيئة، والحرية من قيود إبليس؛ وهذا هو برهان خلاص المسيح.
- فقال لي: لكنني ما زلتُ أُجاهد!
-- فأجبته: أنا لم أقل إن علامة خلاص المسيح هي الكمال! بل قلتُ: سلام الله، والغلبة على الخطيئة والحرية من قيود إبليس؛ وهي بداية وعلامة أننا نلنا واستلمنا خلاص المسيح.
وهذا هو الفرق بين إيمانٍ يُخلّص، وإيمانٍ لم يُخلّص!
بنسلفانيا – أمريكا
٤ أغسطس ٢٠٢٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "لاهوت العهد الجديد" اضغط على الرابط التالي: