رأيٌ في الأحداث (٤٩) حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ:
Aug 16, 2025 25
980 79

رأيٌ في الأحداث (٤٩) حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ:

كانَ الرَّسولُ بولسُ يَهُوديًّا مُتَدَيِّنًا مُتَشَدِّدًا، إذْ كانَ يَنتمي إلى جَماعَةِ الفَرِّيسيِّينَ المُتَشَدِّدَة. فَلَمّا ظَهَرَ المَسيحُ يَسوعُ في وَسَطِ اليَهُود، وكانَ بولسُ (شاوُل) مُعاصِرًا له ورَافِضًا إيّاه، ورأى أنَّ أتباعَ يَسوعَ المَسيحِ يَكثُرونَ وتَنتَشِرُ مَسيحيَّتُهُم على حِسابِ يَهوديَّتِه؛ هَيَّأَ له غُرورُ الشَّبابِ وقُوَّةُ الكَثرةِ أنَّهُ يَستَطيعُ، بسُلطانِ رُؤَساءِ الكَهَنَة، أنْ يُخمِدَ انتشارَ المَسيحيَّة.
ففيما كانَ ذاهبًا إلى دِمَشقَ لِيُلقيَ القَبضَ على المَسيحيِّينَ ويَزُجَّ بهم في السُّجُونِ بسُلطانِ رُؤَساءِ الكَهَنَة، أبرقَ حَولَهُ نُورٌ أَقسَى مِن نُورِ الشَّمسِ، لأنَّ الوَقتَ كانَ مُنتَصَفَ النَّهار. وتَكلَّمَ إليهِ المَسيحُ مِن خِلالِ الرُّؤيا النُّورانيَّةِ قائِلًا: "شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟" (أع 26: 14). فأجابَ شاوُل (بولس): "فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ»." (أع 9: 5). إنَّ عِبارَة "صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ" تُوازِي في اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ قَولَ الشَّاعِر: "كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَومًا لِيُوهِنَها: فَلَم يَضُرها، وأوهى قَرنَهُ الوَعِلُ"
ولأنَّ المَسيحَ أوصى تَلاميذَهُ ألّا يَحمِلوا سَيفًا إذا خَرَجوا لِلتَّبشيرِ بالإنجيل، فقَد طَمِعَ كَثيرونَ مِن الأباطِرَةِ ووُلاةِ الأُمورِ في بَساطَتِهِم وطِيبَةِ قَلبِهِم، وظَنّوا أنَّهُم يَستَطيعونَ أنْ يَتَجَبَّروا علَيهِم ويُسِيئوا إلَيهِم، غَيرَ مُدرِكِينَ أنَّهُم بِذلِكَ يَتَواجَهونَ مع القادِرِ على كُلِّ شَيء.
إلّا أنَّ مَحبَّةَ المَسيحِ لِلإنسانِ تَأبَى إلّا أنْ تَتَأنّى وتُنذِر: "وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ،" (رو 2: 5). ونَحنُ تَلاميذَ المَسيحِ لا نَحمِلُ سَيفًا ولا نَسعَى لِلانْتِقامِ لأَنفُسِنا؛ لأنَّ الحَقَّ، لهُ المَجد، قالَ: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ (الإلهي)" (رو 12: 19). وكما قالَ النبي: "حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ، وَعَمَلِي عِنْدَ إِلهِي." (إش 49: 4).
والتَّاريخُ شاهِد، وما يَزالُ يَشهَد.

بنسلفانيا – أميركا
١٦ أغسطس ٢٠٢٥

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:

https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV