تعريف النعمة: هي هبة مجانية تعطي لمن لا يستحقها؛ وإلا لو أُعطيت عن إستحقاق لصارت أجرة؛ وليست نعمة! هذا تعريف لا خلاف عليه؛ ولكن السؤال الجوهري هنا هو تعريف: ما هي النعمة؟
الإجابة الأكثر شيوعًا؛ النعمة هي غفران الخطايا؛ بمعني أنه بتقديم ذبيحة المسيح؛ قد دفع دين خطايانا للآب السماوي الذي أصدر بدوره عفوا شاملا لما تقدم وما تأخر من خطايا الذين يؤمنون بما فعله المسيح علي الصليب لأجلهم!! بوضوح أكثر؛ أن المسيح دفع علي سبيل النعمة المجانية ثمن الخطايا التي حدثت بالفعل والتي سوف يعملها في المستقبل؛ بداية من تاريخ إيمان هذا المؤمن المحظوظ بالمسيح؛ إيمانا قلبيًا بقبوله للمسيح مخلصًا شخصيًا !
من المؤسف أن هذه الإجابة الأكثر شيوعًا جعلت من المؤمنين أناسا مستبيحين لحياة الخطيئة بوهم الإيمان بالنعمة! وجعلت من النعمة مفلتا من ضوابطية الناموس الصارمة إلى استباحة الخطية بوهم النعمة والغفران!
ومن هنا تأتي قيمة دراسة مورثات الآباء الأولين؛ وتأتي الإجابة علي السؤال المتكرر: ما الحاجة إلي الرجوع للآباء ولماذا لا أكتفي بمرجعية الإنجيل؟ والحقيقة هي أنه لا مرجعية للمسيحي وللآباء أنفسهم إلا مرجعية الإنجيل؛ ولكن من يكون بيت الخبرة الذي يحتكم إليه المسيحيون حينما يختلفون علي تفسيرات للإنجيل؛ حولت مفهوم نعمة العهد الجديد إلي استباحة الخطية ؟! كهذا المثال !
مرة أخري ما هو تعريف النعمة عند الآباء؟ الإجابة: هي المسيح نفسه وأن يكون لنا شركة فيه؛ وبه وبذبيحه نفسه أنال التطهير من الخطايا أي التحرير منها "فلا تعودي تخطئي أيضا" فالخلاص هو الاتحاد بالمسيح ؛ ونواله يكون بالاتحاد بالمسيح؛ وبالاتحاد بالمسيح يكون التحرير وتطهير الخطايا؛ وهذه هي نعمة العهد الجديد؛ نعمه التقديس والقداسة التي بدونها لن يري أحد الرب وليست نعمة الوهم والاستباحة!
الذين شرحوا لكم أن النعمة هي الصفح عن الخطايا مازالوا يعيشون بمنطق العبد الذي يسعي لنوال صفح سيده لأنه تحت تهديد عقوبة الناموس؛ أما الذين شرحوا النعمة بأنها نعمة الاتحاد بالمسيح فقد اختبروا وأسسوا علي أن بالاتحاد بالمسيح يكون هو الاتحاد بطبيعته الجديدة التي تطهر من الخطايا السالفة وتحرر من طاعة الخطية مستقبلا؛ وهذا هو إنجيل النعمة إنجيل الطبيعة الجديدة وحياة النصرة علي الخطية والتحرر منها؛ وحياة القداسة؛ وليس وهم الإفلات من عقاب الناموس!