يمكننا أن نصف الامتلاء من الروح القدس؛ طبقًا لمعطيات سفر أعمال الرسل بأنه حالة الغمر بفيض الروح القدس التي تغمر الإنسان، وهذا الوصف يشمل:
١- نقطة البداية التي يحصل فيها علي أول مره؛ واختباره لقبول الروح القدس(أع٤:٢).
٢- الغمر الذي يملأ المؤمن بفيض الروح القدس لتتميم خدمة أو موهبة ما؛ فنقرأ في سفر أعمال الرسل : " فامتلأ شاول الذي هو بولس من الروح القدس وشخص إليه وقال"(أع١٣ : ١٠،٩) ويتكرر هذا الامتلاء في عدة مرات أخري لمهام أُخر.
٣- ثم نقرأ أيضا في سفر أعمال الرسل عن الامتلاء من الروح القدس كحالة قائمة في المؤمن فيقول عن استفانوس"وأما هو فشخص إلي السماء وهو ممتلئ من الروح القدس"(أع٥٥:٧)
فما هو الامتلاء من الروح القدس؟ هل هو حالة انسكاب كما يسكب الماء فيملأ إنائي الإنسان؟! هذا هو التصور البسيط الساذج الذي كنّا نتصوره معظمنا في بداية رحلة تبعيتنا للرب وسعينا للامتلاء من الروح القدس! ولكن الروح القدس شخص(أقنوم) وليس قوة روحيه! ومن ثم فالاتحاد بين شخص الروح القدس و(شخص) الإنسان -كما تحدثنا قبلا عن أتحاد المسيح بالكنسية- لا يكون إلا من خلال وبواسطة المحبة التي توحدنا بالروح القدس! ومن أين لنا بهذه المحبة؟! هذا هو عمل ومبادرة الروح القدس التي بدونها يستحيل علينا قبول الروح القدس، فهو بآن واحد يعلن لنا المسيح إعلان باطني يتأسس عليه فعل الإيمان"فلا يقدر أحد أن يقول أن يسوع رب إلا بالروح القدس"؛الذي حينما تتجاوب النفس بحرية الإرادة مع قبول هذا الإعلان؛ الذي يتمم عادة بواسطة الكلمة؛ فإنه يسكب محبة الله في قلوبنا "لأن محبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا"(رو٥:٥)
ولاحظ هنا أن الذي يسكبه الروح القدس فينا هو محبه الله ؛إنها محبة الله الآب نفسه التي تعطي لنا كعطية سماويه ليست من طبيعتنا؛ التي حينما تقبلها وتتجاوب معها محبتنا فتتحد بها (أي محبة الله الإلهية ومحبتنا الإنسانية ) فيصبح اتحاد المحبة هذا بين محبته ومحبتنا هو وسيلة اتحادنا به وهذه هي شركة الطبيعة الإلهية التي تحول المسيحي من إنسان طبيعي إلي إنسان إلهي؛ وهذا هو تأليه الإنسان! ولكن ذلك يكمل حينما يبلغ إلي حالة الامتلاء والثبات في الوحدة. يتبقى لنا أن نجيب علي السؤال ما هو الامتلاء من الروح القدس وكيف أثبت فيه؟ وهذا هو موضوع المقال التالي بنعمة المسيح
أما سؤال كيف أمتلئ بالروح القدس فستستمتع بالإجابة عليه من خلال قراءة كتاب الباراكليت لأبونا متي المسكين.