مواجهة الحقيقة والواقع ستقودنا إلي أن روح الكراهية والإنتقام هي التي أفضت بنا إلي الهوة السحيقة والمخزية التي هوينا إليها ! والتي تبلورت في مصيبتين أساسيتين: الأولي؛ شرخ إنقسامي بني علي إختلاف المدارس اللاهوتية ؛ وعبر عن نفسه بالتكفير والإنقسام وطرد وتشويه وهرطقة الآخرين؛ وهذا هو بيت القصيد في العلاج وحنكة ترميم المحبة ولم الشمل وليس إحلال إنقسام مكان آخر !
أما المصيبة الثانية التي لا يمكن مهادنتها بأي حال؛ فهي تحول الإنقسام إلي خيانة و تمرد علي البابا تاوضروس الثاني؛ والتي لم يعد ممكنا إنكارها أو إخفاءها أو التنصل منها! والتي صارت رموزها وأذنابها وأفعالها معروفة إسما إسماً! وفعلًا وراء فعلٍ ! مهما حاولوا الكذب أو المداهنة والنفاق؛ أو خداع طيبة قلب ومحبة البابا!
هولاء الخونة الجميع؛ لا مجال لهم ولاشركة معهم بعد أبداً ؛ وعايزين يتوبوا؛ فليتوبوا في أديرتهم إذا بقيت لهم فرصة علي قيد الحياة ؛ولم ينالوا مبكرا إستحقاق الخيانة! كيهوذا الاسخريوطي! فعدم التخلص من الخيانة والخونة حتي قتل أخيهم! يعني أن هذه الجماعة لن تري فجرًا أبداً ؛ بل سيظل دم الخيانة يصرخ ضد الجميع إلي يوم الدين! فلا مفر من تطهير الهيكل من الخونة تمامًا كنقطة بدايةً!
أما قضية الخلاف اللاهوتي؛ بين لاهوت حقبة الآباء الاولين؛ ولاهوت العصور الوسطي الذي نما وإنتشر من الغرب في حقبة الظلم والقهر الذي وقع علي الكنيسة المشرقية من بعض الظالمين من ولاة الخلافة الاسلامية ؛ فالحقيقة الحزينة: أن معظم الخلافات قابلة للحل وللتفهم بروح المحبة! وأنه بإستثناء عبارة" اللاهوت بطبعه لا يؤكل" التي حرمها مجمع أفسس المسكوني؛ فإن باقي الخلافات لم تصدر بشأنها حرومات من المجمامع وبالتالي فينبغي أن يعاد طرح حوار لاهوتي مفتوح حولها بروح المحبة؛ وهكذا سيمكن رأب الصدع ولَم الشمل؛ أري بخبرتي كتلميذ للراحل الأنبا غريغوريوس (إمام المحافظين)؛ قبل أن تكون لي فرصة إستكمالها من خلال الروس الارثوذكس ؛ أن إدارة هذا الحوار اللاهوتي بروح المحبة للم الشمل ووحدة كنيسة المسيح ؛ أمر سهل وممكن إذا خلصت النوايا بروح المحبة وطلب الجميع تحقيق مشيئة المسيح في وحدة ولم شمل كنيسته.
مؤسف حقا ما حدث في هذا الاسبوع ! لكنه واقعي وصادق في التعبير عن الحقيقة والواقع؛ فقد تمت مواجهة البابا تاوضروس الثاني من قبل السلطات بحكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الصادر في يناير ٢٠١١ ؛ بإلغاء قرار مجمع أساقفة الكنيسة القبطية بحرمان د. جورج حبيب بباوي ؛ لأن أوراق الدعوي لا تتضمن أي إشارة إلي مساءلة د. بباوي أو إعطاءه فرصة للدفاع عن نفسه بما يتناقض مع أبسط قواعد القانون المدني والكنسي علي السواء؛ ويبطل قرار المجمع بالحرم بغير محاكمة! فما كان من قداسة البابا كرجل دولة ملتزم إلا أن قبل بحكم محكمة مجلس الدولة بالغاء قرار الحرم الصادر في عهد سلفه الراحل؛ وأرسل تعليماته إلي أسقف الكنيسة القبطية التي تشمل محل إقامة د. بباوي في أميركا يطلب إليه أبلاغه وتنفيذ إبطال القرار السابق؛ وحقه بذلك في إستعادة الشركة وقد كان.
فالبابا لم يصدر قراراً برفع الحرم عن د. بباوي ولكنه نفذ قرار وحكم المحكمة ببطلان القرار السابق ضده بالحرم في عهد سلفه؛ و لكن ردود الفعل الموثقة علي الميديا ؛ أكدت ووثقت وحددت أسماء الاشخاص الذين دأبوا علي الاساءة والتجاوز في حق قداسة البابا؛ وهم يكررون الإساءة والإهانه ليس للبابا وحده ؛ بل ووجهوا الإساءة إلي شخصي أنا أيضا بالإسم! مع أنني أعلنت علي الميديا أن هذا حكم المحكمة ؛ وليس قراراً للبابا وحذرت علانية من مغبة الوقوع تحت طائلة القانون لمن سيتصادم مع حكم المحكمة؛ ومع ذلك فقد خرج هؤلاء بهذا التجاوز للجميع ولكرامة البابا والكنيسة ولشخصي وللمحكمة وهيبة الدولة والقانون !
فلا أنا بشخصي متنازل عن تطاولهم عليَّ؛ وهذا بلاغ مني بذلك إلي النائب العام، ولا يمكن أيضا السكوت علي تطاولهم علي البابا ولا علي هيبة القانون والدولة ومحكمة مجلس الدولة؛ وهذا بلاغ ثان بحقهم أيضا إلي سيادة النائب العام في مصر بلدي.
ففيما كنت أسعي وأدعو إلي رأب الصدع ولَم شمل الكنيسة بروح المحبة وإحترام مقام البابا ؛ خرج هؤلاء بأسلوبهم المعتاد والمتكرر يؤكدون علي إصرارهم علي الإساءة والتجاوز وعلي تخريب سلام الكنيسة والمجتمع والوطن.
فإذا لم يُضرب بيد من حديد؛ لإسترداد هيبة القانون وتطبيقة بحزم علي المنشقين علي الكنيسة والمتجاوزين علي البابا ؛ وغير المكترثين بحكم المحكمة وسيادة القانون؛ فستكون العواقب وخيمة علي سلام الكنيسة والوطن علي السواء !