لا يوجد عندي أدني شك في أن ما أكتبه الآن ليس معني به مخاطبة القارئ الآني! بقدر ما هو معني بالتاريخ والتوثيق والتعليم اللاهوتي النقي ؛ فتجاهل مهمة التجريف والتضليل والتجهيل الواسعة النطاق التي جرت في الكنيسة المصرية لنصف قرن من الزمان؛ يعني وضع الرؤوس في الرمال ؛ ولن يؤول أبدا إلي إدراك الحقيقة؛ فلم يعد متاحا أرضية فكرية أو لاهوتية مشتركة أو موثقة تستطيع أن تبني عليها حوارا أو فهما لاهوتيا رصينا؛ بعدما جري تشويه كل الرموز! وإستدعاء تعاليم وتعريفات ومفاهيم لا تمت للاهوت وربما أحيانًا للفكرة المسيحية والانجيلية في حد ذاتها بصلة! لتحل محل حق الإنجيل و لاهوت العهد الجديد و تعليم آباء الكنيسة ؛ ثم جري شخصنة الحقيقة وربطها بعتو السلطة الكهنوتية المتغطرسة في أقبح وأسوأ مذبحة في التاريخ لرموز الكنيسة واللاهوت المعاصرين والسابقين علي السواء !
وهنا أُعيد وأؤكد؛ وأيضا للتاريخ؛ وليس لإقناع أحد بشيء ما سبب إصراري علي شرح وتحليل الاحداث والتنبؤ بها قبل حدوثها ؛ إلا لكي يُعرف للتاريخ وللأجيال مفاتيح التغيير ومعني السلطان الروحي القادر علي تغيير حياة الشعوب والأفراد علي السواء؛ لإدراك الحقيقة وكيف حدث التغيير من جهة؛ ولكي يكون لدينا درسا وتعليما لاهوتيا صادقا لأجيال؛ وربما لشعوب أُخر من وجهة أخري؛ وأن التغيير لا يأتي بالصدف ولا بالأماني ولا بمراقبة الريح؛ ولكنه يحدث ثمرة لجهاد روحي وقانوني ومنظم.
وبداية من فهم وتعريف ماهو السلطان الروحي؛ فهو ليس وهم :"أنا عندي سلطان بالإيمان!" و لا أكذوبة أن السلطان الالهي قد حل عليه بوضع اليد ولبس العمامة السوادء! الذي لا برهان عليه سوي التسلط علي مرؤوسيه من الاكليروس! و لكنه سلطان الملك المسيح نفسه الذي يدفعه بعدل وتدبير للمختارين؛ بعلامة لا تُخَطأ : " الاعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضا و أعظم منها " وهذه هي حقيقة ومعني السلطان القادر علي أن يحرك الأحداث ويصنع التغيير كما في السماء كذلك علي الأرض ؛بكلمة السلطان وبسلطان الصلاة الشفاعية في الروح القدس.
الحقيقة التالية لفهم حركة الأحداث ؛ هي :
"من أي روح أنتما"(لو ٥٥/٩) فمن هو خاضع و مطيع للروح القدس فهو من يُعطي سلطان الروح القدس ؛ ومن يتكلم و يتصرف بروح البغضة فهو ممسوس أو مسكون من روح البغضة والشر ومن ثمارهم تعرفونهم !
وعليه فالأمر لا يحتاج إلي ذكاء كثير للتمييز حتي بدون مواهب التمييز؛ من أي روح و بأي سلطان روحي؛ مقدس أم شرير يتصرف ويتكلم ويأمر شخص أو قائد ما ! الاحبولة الجاهزة للتعتيم علي التمييز كانت هي لا تدينوا لكي لا تدانوا! متجاوزين حق الإنجيل ان الفارق بين التمييز والادانة هو من أي روح أنتما؟ فالتمييز هو عمل الروح القدس لكشف الشر ؛ وأما الادانه فهي عمل روح البغضة للتشويه والاهانة و التجريح.
وعليه فلم يكن الأمر بالنسبة إلي يحتاج إلي عبقرية مفرطة ؛ لكي أميز أن السمكة تفسد من رأسها؛ وأنه مادام رأس النظام الكنسي من روح البغضة! فلا مكان لروح المسيح في هذه الجماعة؛ وعليه فقد كان قراري هو الخروج من تحت هذا السلطان الشرير؛ وبأي ثمن ومهما كانت التكلفة!
لم يعنيني في شيء؛ لا رأيه ! ولا رأي غيره !مع إحترامي للكل! ولم أعد بأدني حاجة اليه كما هو حال المجموع؛ بعد أن حصلت علي وضع اليد الرسولية الارثوذكسية من تسلسل كرسي القسطنطينية ؛ و أغلقت خلفي الباب نهائيا !
لما أُختير قداسة البابا تاوضروس بطريركا ؛ كان من الطبيعي أن أتابع أخباره مع أخبار مصر ؛ وللأمانة والصدق لمستني محبة الرجل وعفة لسانه! فأرسلت إليه رسالة محبة ( رفض أن يتسلمها) مع الصديق الراحل الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق ؛ قدرت موقفه و أعدت غلق الباب كما كان وإنتهي الأمر ؛ حتي كان يوم إغتيال ابيفانيوس الشهيد.
وهنا أدركت فورا؛ أنه هو المستهدف! و أعلنت وحذرت من ذلك علي الملأ ؛ وأدركت أنه يقف وحيدا في غابة الذئاب؛ وأنه ليس من الأمانة للمسيح ولكنيسته؛ أن أتركه وحيداً!
مرة أخري التغيير والوعي والاستنارة الذين حدثوا خلال هاتان السنتان ؛لم يحدثوا من تلقاء أنفسهم و لكن كل هذا حدث بمجهود مضني وصبور علي كل الأصعدة! فقط أكتب هذا ليس للأغبياء و لا للحاقدين ؛ ولكني أكتبه للمختارين المدعويين للمشاركة في عملية إعادة البناء ؛ولكي يكون هنالك تعليم وتأسيس لاهوتي نقي لفهم قوة الصلاة الشفاعية بالروح القدس و ما هو السلطان الالهي في كنيسة المسيح ؛ الذي بدونه ما كان ممكنا زحزحة ذلك السلطان الشرير الذي جثم علي صدر الكنيسة بالحقد و التدمير لعقود من مكانه ؛ وكانوا يسعون لتوريثه و توارثه !وكيف يوظف لتحقيق مشيئته و التغيير ؛ و أيضا كيف يعاد بناء الكنيسة و علي أي أساس و بطريقة وفق تدبير الله و ليس حسب الناس ؛
كما قصدت أن أُعيد ؛و أن أشرح الآن بينما الأحداث علي وشك أن تولد وقبل أن تولد ؛ حتي تعرفوا الحقيقة ؛ والحق؛ والحق يحرركم .