لم تكن جريمة إغتيال الأنبا إبيفانيوس هي الدليل الوحيد علي فساد مريع إستشري في منظومة الكنيسة لعقود؛ بل كانت هي الدليل المباشر والمتحدي لكل محاولات التغطية والتعتيم المنظمة لفساد و إنهيار المنظومة! فهل كان جميع المحيطين يعلمون بهذا الفساد؛ بل رأوا بأم أعينهم وسمعوا بآذانهم علي الأقل؛ إذا لم يكونوا شركاءً أو منتفعين!
ولقد لخص الراحل الأنبا غريغوريوس جذور المصيبة التي حلت لاحقا بالكنيسة؛ في هذه العبارة الموجزة التي قالها للحقود في وقت مبكر جدا: "لقد عدت كما كنت قبل حياة التوبة" (راجع مذكراته) وهل كنّا جميعا وكذلك رفاقه ملاحظين وكاشفين لهذا السقوط؛ الإجابة: نعم ! والسؤال الفوري لماذا صمتم ؟!
الاجابة الصحيحة علي هذا السؤال؛ وما يزال لها؛ شهود كثر علي قيد الحياة؛ أن عدم الصمت! كان هو سبب البطش الانتقامي والوحشي الذي وجهة نحو أساتذته وزملائه فما بالك الآخرين ! لأنهم قدموا له نقدا أو عتابا أو إعتراضا أو حتي عدم إتفاق مع ما يقوله أو يفعله !
حكي لي أستاذ القانون الراحل؟ الذي كان صديقا مذدوجا لكلينا : أن الحقود كان يطلبه بين الحين والآخر ليكلفه بشكاوي ومشاكل قضائية أحضرها إليه أقباطاً ! فكان يدفع مبالغا قوية لأستاذ القضاة والمحامين هذا ليقوم بحل هذه الاشكالات والقضايا من خلال مكتبه الشهير للمحاماة ! و بعدما يأتي إليه بحلول المشاكل يرسلها إلي أصحابها "بوهم" أنه تدخل لدي أجهزة الدولة والوزراء لحل هذه المشاكل ! ومن ثم كان الأقباط يلجأؤون إليه بهذا الوهم والزعم بمشاكلهم! حتي بني عندهم إحساس بأنه من يحميهم ويدافع عنهم أمام الحكومة والدولة وأنه هو الذي يحميهم من بطش الاسلاميين المتشددين؛ ووظف نزاعه مع السادات ليعمق حاجز العداوة مع الدولة والمسلمين من جهة ويبني إحساس الحامي والمنقذ للأقباط من جهة أخري؛ وأيضا أنه البطريرك المضطهد في بلده وحامي الأقلية القبطية الذي ينبغي دعمه بالتدفق الدولاري الهائل من أقباط المهجر!
قضيت بدايتي هنا في أمريكا في كاليفورنيا ؛ وكنت أعرف عن قرب إسم الاسقف الذي كان يرسله إلي (من؟) في كاليفورنيا ؛ ليطلب منه أن يعلي من نبرة هجومه علي المسلمين! وأعرف في أي بيت من بيوت الاقباط في كاليفورنيا كانوا يتقابلون وماذا كانوا يقولون نقلا عنه ! وأشياء أُخر لم أبح بتفاصيلها! كما لم أحكي قبلا أنه كان يستغل مكانته الدينية الموقرة؛ لكي يستدعي زوجات أعدائه إلي كاتدرائيته؛ ليتجسس من خلالهن علي أزواجهن !! و الاغرب من هذا أن الخونه من معاونيه كانوا يساعدونه؛ وليس فقط يعلمون! طبعا كل هذا بعد الترحم علي الشرف والأمانه وكذلك القداسة!
المخدوعين من الأجيال التي كبرت لا تعرف سوي الصورة المزيفة له التي صنعها له أساقفة الحمام وموكب الحمامة! (الذين لم يخجلوا من أنفسهم حتي بعد إنكشاف أمرهم)؛ وكذلك الذين لا يريدون أن يتواجهوا مع الحقيقة أنهم كانوا يلطمون سنوات عمرهم علي مؤخرة رؤوسهم ! وأنهم كانوا مخدوعين! يقولون: كفوا عن هذا الرجل؛ قد رحل وكل شيء قد إنتهي!
لكن هذا الكلام فيه مغالطة صارخة لواقع ورثته الذين أعدهم بتدبير شرير وبتسلسل في الوظائف والأدوار ليكملوا مشوار إغراق الكنيسة في الحقد والانقسام؛ وفي روح العالم؛ مع التجند المخزي ضد روح الحق ولاهوت آباء كنيسة الأسكندرية العريقة!
و لم يكن إغتيال إبيفانيوس إلا بداية لمخططهم الشرير ضد البابا الذي لم يكن واحدا من ورثة وتلاميذ مخطط تمدد شر الشرير في الكنيسة! لولا أن دبر الله له مدافعين أمناء؛ تصدوا بكل قوة لمؤامراتهم الشريرة.
كان لابد أن أكشفهم أمام الجميع كما وعدتهم؛ لكي تُعرف حقيقتهم؛ ولأنه لا حل لإسترداد الكنيسة العريقة إلى مسيحها؛ لتستعيد مجدها ومحبتها الأولي ؛ إلا بإزاحة هؤلاء الخونة من المشهد بذراع رفيعة؛ كما أزيح قبلا؛ مدبر ورأس جريمة إغتيال الشهيد .
أُلح علي تكرار هذا المعني قبل أن يكون وفي ظروف لا توحي بحدوثه أبداً ؛ حتي متي تحقق يتبرهن للجميع أنها ذراع القدير ؛ وأنه قدوس ومنتقم علي الإثم الذي لحق ببيته!
وأنهم كانوا علي غير ما مثلوا! شوية خونه وذئاب خاطفة والأيام بيننا .