رأيٌ في الأحداث (٧٥) | نيقية 2025:
Dec 01, 2025 7
980 79

رأيٌ في الأحداث (٧٥) | نيقية 2025:

Nicaea_2025.jpg

نيقية بلدةٌ صغيرةٌ في آسيا الصُّغرى (تركيا حاليًا)، وصارت تُعرَف في الوقت الحاضر باسم "إزنيق" في الأراضي التركية، وقد عُقِدَ فيها مجمعُ نيقية سنة 325م برعايةِ الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي كان قد أصدرَ مرسومَ التسامحِ الديني سنة 313م؛ صارَت بموجبه المسيحيةُ ديانةً رسمية، وانتشرت في إمبراطوريتِه كالنارِ في الهشيم، وقد حضرَ المجمعَ 318 أسقفًا من كلِّ الكنائس في العالمِ المعروف آنذاك.
اجتمعَ الأساقفةُ في نيقية لبحثِ النزاعِ اللاهوتي بين القسِّ آريوس والبطريرك الإسكندري ألكسندروس، ولم يتدخل الإمبراطورُ في الحوارِ اللاهوتي الذي دارَ آنذاك في المجمع، ولكنه أعلنَ أنه سيعتمدُ رسميًا ما يتفقُ عليه الأساقفة؛ الذينَ أصدروا قانونَ الإيمان المسيحي: "بالحقيقةِ نؤمن بإلهٍ واحد"، الذي تعترفُ به الكنائسُ المسيحيةُ في كلِّ العالم.
في سنةِ 451م انعقدَ مجمعُ خلقيدونية لبحثِ طبيعةِ السيدِ المسيح، وقد اختلفَ أساقفةُ الإسكندرية وسوريا وأرمينيا (الكنائسُ المشرقية) مع باقي الكنائس على الصيغةِ النهائية لوصفِ طبيعةِ السيد المسيح. في أغسطس 1970م ذهبَ أستاذي الراحلُ العزيز الأنبا إغريغوريوس لحضور لقاءٍ في جينيف بسويسرا لإعادةِ بحثِ هذا الخلافِ بتكليفٍ من قداسةِ البابا الراحل كيرلس السادس، الذي عادَ يُعلن أن خلافَ مجمعِ خلقيدونية كان خلافًا لفظيًا وليسَ جوهريًا (كتاب قصة الكنيسة القبطية – فترة من البهاء لإيريس المصري، صفحة 100).
في سنةِ 1054م حدثَ الانشقاقُ الكبير بين الكنيسةِ الأرثوذكسية والكنيسةِ الكاثوليكية بسبب إضافةٍ توضيحيةٍ في صيغةِ قانونِ إيمان مجمعِ نيقية في الكنيسة الكاثوليكية، وقد اعترضَ عليها الأرثوذكس.
القادةُ الأذكياءُ المعاصرون للكنيسةِ الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الكاثوليكية: قداسةُ بطريركِنا المسكوني برثلماوس الأول والبابا ليو الرابع عشر بابا روما؛ قرَّرا الاجتماعَ في المكانِ نفسه في نيقية "إزنيق" للاحتفالِ بمرور 1700 سنة على مجمعِ نيقية، وفي لقاءٍ سادَت عليه المحبةُ والتواضع في الأسبوعِ الفائت رددَ المجتمعون قانونَ نيقية بصيغته الأصلية؛ وهكذا اجتمعَ الذكاءُ مع المحبة ليضعَ أساسًا لحلِّ مشكلةٍ عمرُها مئاتُ السنين.
نُهنئ أبانا قداسةَ البطريرك المسكوني على هذا اللقاءِ التاريخي، ونُهنئ قداسةَ البابا ليو بابا روما على محبتِه للمسيح والكنيسة، ونُهنئ الكنيسةَ وأنفسَنا بتواضعِ ومحبةِ قادتِنا وانجماعِ الكلِّ إلى واحدٍ في المسيحِ يسوع.

بنسلفانيا – أمريكا
1 ديسمبر 2025

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV