لاهوت العهد الجديد (١٦) | المسيحية اليهودية، ومسيحية الإنجيل:
Sep 21, 2025 19
980 79

لاهوت العهد الجديد (١٦) | المسيحية اليهودية، ومسيحية الإنجيل:

كان الكتاب المقدَّس صادقًا وأمينًا في رسم صورة تاريخية حقيقية لواقع البشريّة وسلوكيات البشر، وطريقة فهمهم للعلاقة مع الألوهة قبل مجيء المسيح واستعلان النور الحقيقي الكامل للإنسان؛ فقد حكى لنا سفر التكوين عن الكوارث الطبيعية، ونسبها إلى النقمة الإلهية من شرور البشر، بحسب تصوّر البشريّة الجالسة في الظلمة وظلال الموت (لو 1: 79)، مع سردٍ متواصلٍ لقصص الكراهية والقتل والحروب والاغتصاب والصراعات.
بعد اختراع الطباعة في مطبعة جوتنبيرج بألمانيا، تمّ ضمُّ التوراة وتاريخ اليهود والأنبياء إلى العهد الجديد في كتابٍ واحد هو الكتاب المقدَّس الذي بين أيدينا سنة 1455م. وقد تطوّرت الطباعة وانتشر الكتاب المقدَّس بين أيدي الناس بعد حركة الإصلاح، دون تعليمٍ يوضّح للمؤمنين أن الكنيسة قبلت العهد القديم من خلال مصفاة العهد الجديد؛ بمعنى أنّ كل ما لا يتّفق مع العهد الجديد من العهد القديم يُنظر إليه كخلفية تاريخية فقط للفهم.
الفخ التاريخي الذي نصبه بعض المبشِّرين المسيحيين المنحازين إلى اليهودية، هو أنهم علّموا الناس أنّ الكتاب المقدَّس بعهديه هو كتابٌ واحد، وأنّ المسيحي مُلزَم بقديمه وجديده معًا، دون الإشارة إلى تعليم المسيح بأنّ العهد القديم صار مُكمَّلًا، ولا يُقرأ القديم إلا بعيون العهد الجديد. فالصورة القاتمة لبشريّة تحت ظلمة الخطية والموت، كما جسّدتها قصة الطوفان، تُقرأ بعيون العهد الجديد من خلال محبّة الله الذي وهبنا ابنه لكي نحيا به، ونخلُص من الغضب، وينقض أعمال إبليس (1 يو 3: 8).
والأكثر من هذا أنّ محبة الله التي استُعلنت في العهد الجديد، بأن أعطانا ابنه لكي يُخلّصنا من خطايانا، ويعطينا حياة أبدية، ويُبطل الخطية والموت عن إنسانيتنا بأن غلب الشيطان وأبطل الخطية لما واجه الشيطان في الصليب: قد تمَّ شرح الصليب ومحبة الله بفكرة غير مسيحية ولا تمتّ للعهد الجديد بصلة: وهي أن الله كان غير قادر على أن يغفر للإنسان إلا بأن تُقدَّم له ذبيحة، وهذه الذبيحة هي ابنه!!! وهكذا نجح التهويديون المندسّون في وسط الكنيسة المسيحية في نشر تعليم ضدّ الإنجيل، وتشويه محبّة الله للإنسان بالعودة إلى صورة الإله الغاضب الانتقامي الذي لا يغفر إلا بمقابل دموي!!!
إنّ حاجة الكنيسة ومؤمنيها المُلحّة الآن للتخلّص من الاختراقات اليهودية التي شوَّهت الإنجيل ومحبة الله، هي بالعودة إلى الإنجيل نفسه، وفهم رسالة الإنجيل: أنّ الله قد أحبَ الإنسان على اختلاف عِرقه وجنسه، وأنه وهبنا ابنه ونوره الحقيقي يسوع المسيح، لكي نحيا به، ونغلب به الشرّ والشرير، ونتحرّر من سلطان الخطية. "وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ." (1 يو 5: 11).

بنسلفانيا – أمريكا
٢٨ أغسطس ٢٠٢٥

 

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "لاهوت العهد الجديد" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/NewTestamentTheology

Powered By GSTV