جميعُ الذينَ يعرفونني، يعرفونَ عني جيدًا: أنَّهُ على الرغمِ من محبَّتي القويَّةِ لأهلي في مصرَ من المُسلمين، ويعرفون أيضًا أنَّني لم أُحنِ رأسي للظلمِ يومًا، ولن أنحنيَ للظلمِ مُستسلمًا مهما كانتِ التكلفة؛ لكنَّ ما يَجرى من حولنا ليس هو الظلم، ولكنه الخيانةُ والغباء!
ومَن يُتابعْ سلسلةَ هذه المقالات، يُدرِكْ بسهولةٍ أنني نبهتُ بشدَّة، وحذَّرتُ من خطةِ اختراقِ مصرَ للوصولِ إلى النيلِ والفرات، من خلالِ إحداثِ فتنةٍ داخليةٍ بين المسلمينَ والمسيحيين؛ وأستطيعُ أن أُقرِّرَ جازمًا: أنَّ حالةَ السلامِ الاجتماعي، وقَبولَ وفَهمَ الآخر، وحريَّةَ الفكر — دونَ حريةِ الرأي — التي نَنعَم بها في مجتمعنا في مصرَ في هذهِ الفترة، لم تكنْ موجودةً إلَّا قبل قيامِ ثورةِ الضباطِ الأحرار (أعضاء تنظيم الإخوانِ المسلمين).
حكى لي الشيخُ جمال البنا — فمًا لأذن — أنَّ البكباشي جمال عبد الناصر كان هو المسؤولَ عن تدريبِ كوادرِ الإخوان المسلمينَ على استخدامِ السلاحِ وضربِ النار! وأحكي لكم أنا مرارًا أنَّ عبد الناصر أهانَ البابا كيرلس في مكتبه الخاص، وأنَّ البابا كيرلس انتصرَ على إهانته، وصارَ أبًا روحيًّا لأسرةِ عبد الناصر الخاصة؛ ليس من خلالِ المُظاهرات، ولم يكنْ هنالك فيس بوك! ولكن من خلالِ المحبَّةِ المسيحيَّةِ وطاعةِ الإنجيل.
نحن لا نُواجهُ ظلمًا من الدولة، ولا من المواطنين المصريين؛ نحن جميعًا نواجهُ خيانةً مُنظَّمةً لحسابِ أعداءِ بلدِنا من الإخوانِ المسلمين، ومن أغبياءِ المسلمينَ الذين يسعونَ سعيَهم ظنًّا منهم أنَّ هذا يُؤولُ إلى رفعةِ الإسلام، وليس إلى رفضِ الإنسانِ لدينِ الكراهية، وتقسيمِ البلادِ لصالحِ أعدائها. ونواجهُ غباءً مساويًا من الذين يحملونَ أسماءً مسيحيةً ولا يحملونَ إنجيلَ المسيحِ في قلوبهم؛ الذين يتفاعلونَ بحماقةٍ وسذاجةٍ مع فخِّ الفتنةِ الذي نصبهُ الإخوانُ المسلمونَ للمصريين. وليس هكذا تُوردُ الإبل!
عاصرتُ فترةَ عبد الناصر كلها، وكذلك كلَّ ما تلاها. ومعظمُكم عاصرَ فتراتِ المُظاهراتِ والصراخ: أيُّهما انتصرَ فيهِ الحق؟ وأيُّهما عانينا من نتائجهِ المروعة، واستشهادِ الأبرياءِ بغيرِ جَريرَةٍ كما في كنيسةِ الْقِدِّيسَيْنِ في الإسكندرية؟
عودوا إلى رُشدكم؛ فليس بالصراخِ، ولا بالرَّدِّ على الاستفزازِ والشتائمِ بالشتائم، تنجحونَ في ردِّ مؤامرةِ وخيانةِ الإخوانِ المسلمين عن المصريين. ولكم في البابا كيرلس السادس، القدوةُ الناجحةُ في المحبةِ الغالبةِ والمنتصرةِ على الشرِّ والحقد.
يا إخوتي وأهلي المسلمينَ المصريين، أنا أحبُّكم، وأرى بعيني وبقلبي محبتَكم وإخلاصَكم، وأعترفُ أمامَ العالمِ كلِّه: أنَّ شعبَ مصرَ شعبٌ أصيلٌ ورائعٌ (ما عدا الإخوانَ والأغبياء). نحن في مواجهةِ مؤامرةٍ لتفتيتِ مصرَ وتقزيمِها، طبعًا لصالحِ إسرائيلَ ومشروعِها "من النيلِ إلى الفرات".
ترفَّعوا فوقَ الصغائرِ جميعًا، وادعموا الرئيسَ والدولة؛ لأنَّ مركبًا واحدًا هو الذي يحملكم جميعًا، إذا عَطِبَ فستغرقونَ به أجمعين !
بنسلفانيا – أمريكا
۲ مايو ۲۰۲٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath