رأيٌ في الأحداث (٥) | سوريا الحزينة
Mar 11, 2025 42
980 79

رأيٌ في الأحداث (٥) | سوريا الحزينة

كنا جميعنا معاصرين لبداية الأحداث الأليمة في سوريا حينما حركت دويلة قطر (الغنية)، ودعمها النظام السعودي أناذاك: بتحريك جماعات من السوريين السنة، وتأليبهم على الرئيس السوري العلوي المندفع بشار الأسد؛ الذي ما لبث أن وظف عنجهية السلطة ضد المتظاهرين؛ لكي يجدوا: قطر والسعودية الفرصة المُبررة لتسليح جماعات الشباب السنية ودعمها إعلاميًا ضد بشار الأسد.
ولأن ما أسموه بالثورة السورية على النظام: قامت على أساس مذهبي ديني؛ فقد أنشق الأكثرين من الجنود والضباط السنة على الجيش السوري؛ لتأسيس ما سُمي بالجيش السوري الحر، وانضمت جماعات أخرى للصراع مثل داعش والنُصرة، وغيرهما؛ لكي تصبح الثورة السورية كما أسموها: حربً أهليةً بين السوريين السنة والسوريين العلويين.

أحتمى النظام السوري ورئيسه بشار الأسد بالقاعدة الشعبية العلوية؛ ثم تدخلت روسيا بالدفاع عن النظام السوري لحماية مصالحها الاقتصادية؛ لأن قطر كانت تنوي مد خط أنابيب الغاز عبر تركيا لتسويقه في أوروبا.

انهمكت روسيا في حربها مع أوكرانيا لكي تقوم تركيا بمباركة أمريكية (وربما بموافقة روسية) باستدعاء فصيل النصرة؛ الذي كانت ترعاه تركيا وتجهزه لليوم المنشود في محافظة إدلب السورية؛ حتى جاء ذلك اليوم الذي فشل فيه الرئيس السوري المخلوع لتحقيق سلام واتفاق مع تركيا؛ حتى تُعطي إشارة البدء لفصيل النصرة -القاعدة- باقتحام دمشق والاستيلاء على الحكم في سوريا وهروب بشار الأسد؛ ليحل محله الجولاني: زعيم النصرة بمباركة أمريكية.
غيّر الجولاني أسمه إلى أحمد الشرع، وقدم خطابًا رقيقًا واعدًا الأقليات بالعادلة والحرية، ثم تم اختياره رئيسًا مؤقتًا للبلاد؛ حتى طالعتنا الأخبار هذا الأسبوع، مدعومة بالفيديوهات والصور بهجوم عناصر النصرة (الجيش السوري حاليًا) على بيوت العلويين المدنيين العُزل (بعضهم مسيحيين) وإشاعة القتل والنهب والسرقة بين العلويين.

ليس لي عتاب أوجهه لزعيم النصرة ولا للرئيس التركي الذي دعمه؛ فكلاهما يؤمنان بالسيف والقتل، ويومًا ما سنرى: أن الذين يأخذون السيف بالسيف يأخذون، وأن ما يزرعه الإنسان فإياه يحصد، لكنني غير قادر على أن السكوت، بل أوجه صرختي وعتابي الشديدين إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ الذي اختار بنفسه لنفسه أن يكون صانعًا للسلام وأن يوقف الحروب في العالم: كيف لم يسمع بأخبار الانتقام الطائفي الدموي البغيض والقتل على الهوية؛ الذي يرتكبه الجولاني وعصابته بدعم الرئيس التركي ضد السوريين العُزل؟ وكيف سيستطيع بعد صمته هذا أن يرفع صوته من على أي منبر مناديًا بالحرية وداعيًا إلى السلام؟ وكيف سيضع يده في يد زعيم القاعدة (النصرة) ويعترف بنظامه الدموي؟

أحمل الرئيس الأمريكي مسئولية صمت قادة الدول العربية المحيطة؛ لأنه هو الذي صار يقود المشهد، ويحسبون له ألف حساب، وأن هذا العار والخراب والدماء في سوريا بعصابة الجولاني قد صاروا بمباركة أمريكية.

يا كل الشرفاء أرفعوا أصواتكم بالاحتجاج في وجوه قادة العالم الذين صُمّت أذانهم عن السمع، وعيونهم عن رؤية ما يحدث في سوريا؛ فلم يتبق لنا سوى الاحتجاج.

 

https://www.facebook.com/100024910574286/videos/619277797540885/

بنسلفانيا – أمريكا
۱۱ مارس ۲۰۲٥

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

 

Powered By GSTV