جميع الاكبر منا سناً ؛الذين عايشوه ورافقوه وتعاملوا معه؛ كانوا يعرفون حقيقته! وأما نحن الشباب في ذلك الحين؛ فلم نكن نعرفه ولا تاريخه ؛وعرفناه فقط من خلال أناقة الاسقفية ولباقة الوعظ؛ فكنا متيمين به ومعجبين به أي إعجاب ! بالنسبة إلي فقد كان إعجابي به أحد أسباب إقتناعي بالالتحاق بالاكليريكية في هذه السن المبكرة! ففيما كان والدي مصممًا علي تأجيله إلي ما بعد أن أُكمل دراسة عليا؛ فإن الراحل العزيز الدكتور ملاك صادق خادمنا المبارك في ميت غمر تدخل بيننا لإقناعه؛ سأله والدي : وهي دي حاجه لها مستقبل؟ فأجابه د. ملاك : ده هي دي الحاجه اللي لها مستقبل! وضاعفت هذه الشهادة من حماسي وشغفي بالاكليريكية حتي تحقق لي الحلم.
ولكنني بضمير صالح أمام الذي هو عتيد أن يدين الاحياء والأموات ؛ لم أجد أي مكان للمسيح الحقيقي معه؛ بقدرما كان واضحاً بأقل قدر من البصيرة؛ أن الرجل يدور في فلك ذاته ويجند الشباب والرأي العام للإلتفاف حول هذه الذات! أشهد الصدق مرة أخري؛ ان واحداً من الزملاء قال لي : هل سمعت ما قاله لنا سيدنا بالأمس؟ لا ؛ماذا قال : فأجابني: كان يقول : أستطيع أن أقنع أي شخص بالشئ ونقيضه في جلسة واحدة ؛ فقلت له وماذا في هذا ؟فأجابني أنت شخص علي نياتك! فأجبته برضه مش فاهم فيها إيه؟.
فقال لي إذن فهو بلا ضمير يحركه روح الحق! وفهمت بعدها يعني كله بالفهلوة؛ وبالاسف وبالكذب كمان!
ثم فرحنا وإحتفلنا يوم تنصيبه بأن الاكليريكيه هي التي جلست علي عرش مارمرقس؛ كما قال لنا هو بلسانه في الاحتفال؛ لكي نفاجأ أن برقع التنمق قد إنكشف عنه؛ وأن الذي جلس علي الكرسي؛ هو روح الانتقام والحقد والكراهيه بلا خجل وبلا حياء!
وهكذا قررت المغادرة؛ وصمت ولَم ارد علي عار وإفتراآت مؤتمرات تشوية العقيدة ولا علي الخونه؛ الذين كانوا يقرأون أكاذيب كتبها لهم بيده! مع أكاذيب دنيئة علي الاشخاص! وإبتعدت بعدها تماما عنهم؛ ولم أشاء أن تكون لي علاقة بهم علي الاطلاق.
حتي كان يوم الاحد ٢٩ يوليو ٢٠١٨ وخبر إستشهاد الأنبا إبيفانيوس؛ وهم يؤكدون بالتصرفات والكلام ؛علي أنفسهم ؛بالدفاع عن القتلة وبرفض إستشاده! وبمظاهر أُخر متعددة.
أن حقيقة الأمر أن القاتل الحقيقي هو روح الكراهية والحقد الذي تربع علي الاكليريكيه وعلي الكنيسة حتي أثمر قتلا معنوياً للعشرات من الاساقفة والكهنة والخدام مع قصص يندي لها جبين التاريخ؛ حتي صار القتل الفعلي للبريء ومحاولة تدمير دير أنبا مقار إنتقاما من المتنيح أبونا متي المسكين؛ وليس خفي لا يظهر !
فإذا كُنتُم غير قادرين علي أن تروا روح الحقد والقتل والكراهية ؛أنه هو الذي تربع علي كنيستكم وهو الذي أثمر الظلم والقتل والانقسام ؛وإذا لم تسعوا للتخلص منه وإسترداد روح المسيح من جديد؛ فلن يكون لكم فجر في أي يوم من الأيام!
فالقضية ليست تصفية حسابات مع شخص قد مات! كما يحاول البعض الدفاع عن الخطأ؛ ولكن القضية قضية شعب وكنيسة تملك عليها روح البغضة من خلال أشخاص بعينهم؛ وتسيدوا مكان المسيح ! ولا سبيل لإستمرار سيادة المسيح وروحه القدوس ؛ إلا بنزع هذا الروح البغيض من جذوره؛ وجذوره بالأسف هي عبادة هؤلاء الاشخاص! الاشر و الأخطر من هذا أن تلاميذ ميراث الكراهية والانقسام ؛ليس فقط أنهم يفتخرون به كأنه أمر صالح؛ بل ويعملون علي الحفاظ علي إستمرار موروث الكراهية هذا؛ غير عابئين بالإنجيل ولا بمشيئة المسيح أن يوحد جسده ويجمع أبنائه المتفرقين إلي واحد !
لقد تنيح الكبار جميعًا الذين ورثنا عنهم ظلما خلافاتهم بغير جريرة ؛ فلماذا يصر هؤلاء الاغبياء علي إنقسام الكنيسة؛ وعلي إستمرار الصراع والكراهية ؟!
ولا أفهم لماذا لا يقوم بعض القادة من الاسماء ذات الرائحة العطرة المتوفرين عندنا هنا في أميركا؛ بمبادرة مصالحة ووحدة ولَم شمل للكنيسة ؛ بدلا من هذا التمزق والهوان والتسفل علي مقام الأب البطريرك
ولماذا لم يدركوا ؛ أن الزمان الذي كانوا يستطيعون فيه أن يهاجموا و يجرحوا ؛ دون أن يرد عليهم أحد قد إنتهي ؛وأنه قد تغيرت موازين القوي في المجتمع وفي كل شيء؛ وصار كل تجاوز له مايردعه بالكلمة والفعل وبقوة القانون ؟!
إن التاريخ قد تغير ؛ وما يزرعه الإنسان فإياه أيضا يحصد ؛وعلي الجميع أن يفكروا في منهج جديد و إسلوب جديد ؛ لأن البديل سيكون مراً!