"يشبه ملكوت السماوات عشر عذاري أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس خمس منهن كن جاهلات وخمس حكيمات" بهذه الكلمات إفتتح الرب حديثه في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات الذي شرح لنا فيه بسلاسة وبساطة مذهلة قضية في غاية الأهمية والمحورية في حياة الإنسان : إنه يوم التخرج النهائي في مدرسة هذه الحياة؛ فقد كانت جميع العذارى متساويات في الفرصة والإمكانات والدعوة؛ وحتى لحظة مجيء العريس لم يكن هنالك أي ما يميز بينهن أو ما يمكن الحكم به علي أحد منهن؛ فالجميع عذارى والجميع مدعوات إلى العرس والجميع تحت نفس الظرف؛ ولما تأخر العريس نعسن كلهن ونمن بلا فارق في السلوك؛ لكن الفارق الأساسي والجوهري كان في فكرة الاستعداد للحظة مجيء العريس الغير متوقعة الزمان والتي فجأة ستراه كل عين؛ عينا لعين ! القديس بطرس تلميذ المسيح كانت عنده خبرة مميزة للمواجهة مع عيني الرب وهما تنظران إليه في اللحظة الحاسمة عين لعين؛ حينما أنكره للتو؛ وتحول الرب عن المحاكمة ونظر إليه؛ بكل نظرة المحبة التي إعتادها في عينيه؛ فخرج إلى خارج وبكي بكاءً مراً! القديس يوحنا الذي عُرف بالتلميذ الذي كان يسوع يحبه وظل يعلم الكنيسة عن المحبة "يحذر تلاميذه من أن تأتي لحظة المعاينة عين لعين؛ وتكون النتيجة "أن نخجل منه في مجيئة" وكانت وصيته لمليء أوانيهم بالزيت بأن "أثبتوا فيه حتي إذا أُظهر يكون لنا ثقة" (١يو٢٨/٢)؛ أما الذين رفضوه فلن يقووا على النظر إليه وسيخفون أنفسهم من بهاء مجده ووهج محبته التي رفضوها؛ وستنوح عليه جميع قبائل الارض.
يخطيء فهم العهد الجديد؛ من يظن أن الذي أحب الإنسان بحب ليس لأحد أعظم منه؛ "أن يبذل نفسه لأجل أحبائه"؛ سينكر نفسه ومحبته ويُعمل سيوف موسى في عبدة العجل ويشوع بن نون في أبناء أريحا ! هو فقط سيظهر للخلاص للذين ينتظرونه بكل مجده ومجد أبيه والروح القدس؛ وستراه كل عين! فقط سيظهر! للذين يحبونة وينتظرون بشوق مجيئة وسيستقبلوا المحبة التي تشع نظرة عينية المتجهة اليهم فيكون فيهم "ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به و أكون أنا فيهم" فيكمل حبهم له بمحبته وهذا هو سر الاتحاد به والتغيير إليه إلى الأبد "نحن الآن أولاد الله ولَم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن متي أُظهر سنكون مثله لاننا (سنراه) كما هو" (١يو٢/ ٣) آخرون سيخجلون منه في مجيئة حينما يرون حبه يشع بالبهاء والمجد من عينيه فيروا عدم أمانتهم ويخجلون؛ أما الذين طعنوه فسينوحوا بمرارة؛ أكثر ممن هو في مرارة علي بكره : لأن النور قد أضاء في الظلمة يدينها وهذا هو سبب البكاء وصرير اسنان الندم
" طوبي لمن يسهر ويحرس ثيابه لئلا يمشي عريانا فيروا عريته"
حاولت مرارا كثيرة علي مدى سنين عمر كامل أن أحاول إنقاذ الآخرين بناء علي نظرية اللص اليمين واللحظة الأخيرة؛ لكنني تعلمت أخيرًا أن اللحظة الأخيرة غير قادرة على أن تملأ الأواني الفارغة بالزيت ! فإسهروا وإستعدوا وإجتهدوا أن لا يمر يوم واحد من أيام حياتكم بدون"زيت" حتي إذا جاء؛ وهو سيأتي في عز الليل؛ وليس كما إعتادوا أن يخدعوا الناس بمقولة : "ربنا بياخد الإنسان في أحسن حالاته"! هذا كلام ضد وعكس الإنجيل الذي يقول : إسهروا إذا (يعني إستعدوا كل حين) لأنكم لا تعرفون في أية ساعة يأتي إبن الإنسان .