بداية لقد وصف الرب الشرير بأنه الكذاب وأبو الكذاب؛ وأنه متي يتكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له ! وأن الشرير لم يثبت في الحق و ليس فيه حق! لكنه أيضا هو المضل وهو روح الضلال؛ و الفارق بين الكذب و الضلال هو أن روح الضلال يبدأ من معلومة صحيحة ثم يكمل عليها بخداعات وتلفيقات ليست من روح الحق؛ أو يبدأ من أنصاف الحقائق فيبدوا حقيقياً وهو غير ذلك؛ ثم يؤكد عليها برأيه الخاص الذي من عنده؛ فيخدع السامعين بأنه يقول الحقيقة بينما هو غير ذلك؛ ولذلك وضع الرب يسوع المسيح كلمات الحق الواضحة أمامنا وأردف عليها : "أنظروا لا يضلكم أحد" أي عن الحق المحدد بخصوص مجيئه؛ إذ يقول له المجد : "كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلي المغارب هكذا يكون أيضا مجئ إبن الانسان" " فإن قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا ها هو في المخادع فلا تصدقوا " (مت ٢٤ : ٢٦،٢٧)
كلام واضح لا يحتمل التأويل ويؤكد عليه الرسول بولس : "لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية إبن الهلاك"(٢تس٣/٢) ؛ فكيف يمكن لمؤمن مسيحي عاقل ملتزم بطاعة الانجيل أن يصدق نظريات مناقضة نقضا واضحا لكلام العهد الجديد! و كيف يُدعوا خداما للإنجيل وهم يعلمون جهاراً نهاراً بما يناقضه؟! ثم يبررون ما يعلمون به بالتناقض مع الإنجيل بحجة أن الكنيسة الاولي كانت تعيش متوقعة الاختطاف! نعم كانت الكنيسة الاولي تعيش في توقع مجئ المسيح؛ وهذا ما إضطر بولس الرسول أن يكتب موضحاً في رسالته الثانية إلي أهل تسالونيكي موضحاً و مؤكدًا أنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولاً !
هذا فضلاً عن أنهم بالاسف الشديد لم يفهموا ما هو إختبار الاختطاف الذي يتحدث عنه الإنجيل ولا ما هي قواعده ولَم يسمعوا أو يقرأوا عنه ممن عرفوه؛ وظنوه شفاطات هوائية ضخمة سترفع المؤمنين إلي فوق! ولم يعرفوا أنه إختبار حي مع المسيح ثمرة نضج الحب، وأيضا غلبة ،وتغير، وصعود !
إدراك جوهر الاختبار الروحي مفقود لأنهم لم يتواصلوا مع الجذور و إعتمدوا علي الذهن الانساني في شرح الحقائق الإلهية ؛ إذن فإختبار الاختطاف في العهد الجديد الذي علم به الآباء لا يمت بصلة لما يسمونه هم الاختطا ؛ مع إستعمال نفس الكلمة بالأسف الشديد! ثم أوقعوا أنفسهم في الفخ الذي وضعهم علي المحك ؛حينما حاولوا إقناع البسطاء و غير الدارسين أن هذا تعليم القديس إيريناوس الذي كتب عن الملك الالفي! والحقيقة أن إيريناوس شرح هذا الملك الالفي؛ بالبركة المادية علي الارض والطبيعة التي إختبرها الغالبين بيسوع علي مدي التاريخ كما إنتشبت الحية بيد بولس ولَم يتضرر؛ ولكن إيريناوس الذي يُستشهد به لم يقل بنظريتهم في الاختطاف! ولَم يقل بملك جسدي او حسي للمسيح له المجد في إسرائيل و بالاهم من كل ذلك و هذا هو بيت القصيد ؛ أنه لا إيريناوس ولا غير إيريناوس قال بملك المسيح علي اليهود ! الذين لأجلهم صيغت كل هذه النظريات وتم إقتباس شواهد مع العهد القديم لإثباتها؛ دون نص واحد من تعليم المسيح و رسله في العهد الجديد !
الحقيقة الاهم التي لا يعرفها الأكثرين أن المسيحية و كرازة الرسل بالمسيح لم تتأسس علي الكتاب المقدس! بل علي الايمان بالمسيح؛ مبرهنين لليهود بنبوات الانبياء عنه؛ ومبرهنين للأمم بمواهب وآيات وقوات الروح القدس بإسمه؛ فلم تعرف البشرية ولا الكنيسة الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الذي ضم التوراة والكتبيم والانبياء الي العهد الجديد قبل إختراع الطباعه في مطبعة جوتنبرج في المانيا في القرن السادس عشر الميلادي؛ والمخطوطات التي تعود بنا إلي القرن الرابع الميلادي هي للعهد الجديد وحده!
فهل صار واضحا الآن كيف إستفاد التهويديون من ضم أسفار العهد القديم إلي العهد الجديد في مجلد واحد في مطبعة جوتنبرج ؟! في محاولتهم لتهويد المسيحية التي صارت بقراءة إنجيل المسيح وعهده الجديد بعيون ومفاهيم اليهودية؛ بدلاً من العكس و هو الصحيح :أن يفهموا القديم بالجديد وبالمسيح الذي هو غاية الانبياء و النبوات والتي تحققت فيه؛ وأن الناموس كان مؤدبنا إلي المسيح؛ وقد جاء !
إن ملك المسيح علي بيته بقوة سلطان ربوبيته وتجديدة للطبيعة وللخليقة الجديدة حقيقة إنجيليلة؛ وأن من يغلب سيملك معه ويجلس معه في عرشه وهذا هو ملك المسيح الالف سنة علي كنيسته والغالبين وليس الشعب القديم الذي رفضه! فبدلا من تفريغ المسيحية من قوتها و إنكار السلطان ومواهب الروح القدس وقواته وتحويلها إلي إيمان وهمي هزيل لا يعني ولا يساوي شيء!
إرجعوا الي الانجيل وإقرأوه بفهم و إستنارة و إختبار؛ لتدركوا أن الملك الالفي حقيقة حاضرة في ملكوت المسيح علي كنيسته الغالبين وليس وهما ولا حلماً سيتحقق في إسرائيل ؛ خصوصا أن إسرائيل تستعد هذه الأيام لظهور مسيحهم الذي مازالوا ينتظرونه؛ الذي هو بالنسبة للانجيل هو ضد المسيح ! وستكون مسؤولية هذه النفوس المخدوعة التي ستذهب إلي هناك بناء علي تعليمكم؛ في رقبتكم ! أما خلاص البقية التقية من الشعب القديم ؛ فلن تكون إلا بالايمان بالمسيح يسوع الذي بعدما رفضوه يقولون له مبارك الآتي بإسم الرب ؛و ينضموا الي كنيسته و جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل في السماء و ما علي الأرض