هل قال المسيح له المجد في الإنجيل: أنه سيعطى للكهنة وللأساقفة السلطان على أن ما يحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء، وما يربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء (متى ١٨:١٨)، وأن الكهنة والأساقفة قد أعطاهم سلطاناً أن يغفروا الخطايا!؟ (يوحنا ٢٠: ٢٣)
النصوص الإنجيلية التي قال فيها المسيح هذه العبارات بشواهدها المذكورة في السطور عاليه، والتي يستطيع أي واحد مراجعتها وقراءة النص من الإنجيل، لا ذكر فيها لا من بعيد ولا من قريب للأساقفة ولكهنة الكنيسة، ولكن الخطاب في يوحنا (٢٠ :٢٣) موجه للرسل، وشرح وتطبيق هذا النص في تفسير القديس كيرلس السكندري لإنجيل يوحنا يقول كلاماً مغايراً لما يردده رجال الكنيسة، الذي سنأتي إليه لاحقاً؛ وأما خطاب المسيح في (متى ١٨ :١٨) فهو موجه للكنيسة ككل وتطبيقه وارد في (١كو٥: ٤-٥)
"باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكى تخلص الروح فى يوم الرب يسوع."
و الفارق الجوهري بين تعليم الإنجيل، وبين ما يدَّعيه الذين يشغلون الوظائف الكهنوتية في الكنيسة في العصور الوسطى، والحاضر؛ هو وحدة الرسول والجماعة المسيحية بأسرها معه؛ مع قوة ربنا يسوع المسيح، بالروح القدس طبعاً، أي أن الفاعل الحقيقي بالقوة الفائقة في السماء وعلى الأرض هو الروح القدس و قوة سلطان الرب يسوع المسيح، الذى يأمر الإنسان (الرسول هنا) أن ينطق بمشيئته الصالحة المقدسة العادلة؛ وليس أن الإنسان خلواً من طاعة الروح القدس وسماع صوته و إعلان مشيئته، هو الذى يأمر في الأرض والسماء!
فهل وُجد فعلاً على مدى التاريخ أناس قديسون نطق الروح القدس بأفواههم مشيئة الله النافذة في الأرض وفي السماء؟ الإجابة: نعم بكل تأكيد، فالتاريخ ملئ بمثل هذه المعجزات والقوات الفائقة والخارقة، التي لا يقوى عليها إنسان إلا المتكلم من السماء، الذين كان من بينهم كهنة وأساقفة وأيضاً كان من بينهم سمعان الخراز وغيره!
رجال الكنيسة يفترضون أنهم خلفاء الرسل الذين وُجه إليهم هذا الخطاب، وبالتبعية فإن هذا السلطان قد صار لهم؛ فهل يكون السلطان الذي يحل في الأرض وفي السماء؛ بغير برهان فاعل منظور يراه الإنسان!؟ أم أن السلطان حقيقي فعلاً للأتقياء المتحدين بقوة ربنا يسوع المسيح، كما حدث على مدى التاريخ؛ بينما هو وهم وخرافة وسراب لغير المتحدين بقوة حياة المسيح، ولذا لم يقدموا يوماً ولا مرة واحدة في حياتهم ما يبرهن على السلطان، ولا على قوة ربنا يسوع المسيح، ولا حتى على ما يبرهن أن عندهم سلطان على أن يحركوا قشة من مكانها، وليس سلطان السماء!
وفيما يعجز أساقفة الكنيسة المُتسلطنين؛ عن البرهنة على خلافتهم لسلطان الرسل وعطية المسيح لتلاميذه الاتقياء على مدى العصور؛ فإنهم يفرغون طاقة احباطاتهم من عدم القدرة على البرهنة بأي فعل منظور على سلطانهم الذي يفترضونهم غير منظور، بالغطرسة والتجبر على رعيتهم! يحلون لهم ويحرمون؛ الأمر الذي يقابله البعض بالخوف والخنوع، بينما يراه آخرون شكلاً من أشكال السيكوباتية التي تستحق بعض الشفقة و كثيراً من اللا مبالاة.
في حادثة شفاء الإنسان المصاب بشلل رباعي في إنجيل مرقص الفصل الثاني، قال المسيح للمشلول "يا بنى مغفورة لك خطاياك" فاحتج معلمي الشريعة الجالسين: "من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده" فقال لهم المسيح: "أيهما أيسر أن يُقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك: أم أن يقال احمل سريرك وامشِ؟ ولكن لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطان على الأرض، أن يغفر الخطايا. قال للمفلوج: قم و احمل سريرك واذهب الى بيتك" (مر ٢: ٩-١١). وهكذا أجاب المسيح وبرهن على سلطانه لغفران الخطايا (غير المنظور) بسلطانه المنظور أمام عيون الجميع أن يشفى ويقيم المشلول بشلل رباعي، صحيحاً معافى.
فهل أعطى المسيح من سلطانه لتلاميذه الأتقياء على مدى العصور؟ الإنجيل والتاريخ يشهدان بهذه الحقيقة؛ ولكن هل يستطيع الكهنة والأساقفة الذين يقولون إنهم خلفاء الرسل ويحلون للناس ويحرمونهم أن يبرهنوا بالسلطان المنظور على السلطان الذي يفترضونه غير منظور!؟ كما فعل المسيح له المجد، وكذلك تلاميذه على مدى الازمان؛ أم يعجزون!؟
"أنتم … تطهرون ظاهر الكأس والصحن وباطنكم كله طمع وخبث. يا أغبياء، هذا الذي صنع الظاهر، أما صنع الباطن أيضاً!" (لو١١ المشتركة:٣٩- ٤٠)
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "التفكير ليس ممنوعًا" اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/ThinkingNotForbidden.php