لا شك أن التاريخ قد تغير وتطور الفكر والسلوك الإنساني بتطورات سريعة وجذرية وأيضا خطيرة؛ وعلى قدر ما أستخدم الدين في عصور سالفة كأداة لتطويع وإخضاع البشر لديكتاتوريات فظة؛ أو لوحشية وعقد قادة دينين؛ على قدر ما حظي الدين بأكبر قدر من الثورة عليه وإستجوابه في كل كبيرة وصغيرة؛ فلم يعد مقبولاً للإنسان المعاصر ذلك الخطاب اليهودي العنصري للعهد القديم لصالح اليهود على حساب الأمم! ولا أن يكون الله وحشيا بدرجة أن يأمر يشوع بن نون بقتل كل أطفال أريحا مع والديهم! ولا الخطاب المسيحي أيضا: أن الله يحب الإنسانية لدرجة بذل إبنه الوحيد لأجل خلاصها؛ ثم في الآخر يقلب عليهم ويلقيهم في جهنم النار! إذا لم يؤمنوا به!!
تناقض مستخف بعقلية وذكاء و حرية الإنسان المعاصر؛ أودي بأعداد هائلة من البشر إلى الإلحاد؛ وترك الباقون أمام علامات إستفهام محيرة أو إجابات أكثر إستخفافا بحكمة العقل وذكاء الإنسان؛ من المشكلة الأساسية التي يحاولون إيجاد حل لها في تناقضات شخصية وسلوكيات الله خالق الكون!
ولأن تجربتي مع محنة التناقضات هذه بدأت في بدايات عشرينيات العمر وكلفتني ثمنا باهظا للوصول إلى الحقيقة؛ فقد إكتشفت معها جمال وروعة الصورة الإلهية التي لم يعرفها أبدا الغالبية العظمي من رجال الدين ولَم تستطع إستجلائها؛ لا كتبهم ولا موروثاتهم الدينية التي يتعبدون لها! وأنهم هم أنفسهم سبب المشكلة في علاقة البشرية بالألوهة دون أن يكونوا أبدا طرفا في الحل!
أنا مشفق جدا على الشباب والإنسان؛ سواء الذين إستطاعوا بأي قدر من القمعيات أو القناعات أن يخضعوا عقولهم لهذا الكم من التناقضات الفكرية؛ أو أولئك الذين القوا بأنفسهم في غياهب العدم هرباً ونجاة من تحكمات الدين ورجاله! كلاهما لم يصل ولن يصل إلى تحقيق ذاته ووجوده؛ ولن ينجح أبدا في معرفة ما هو معنى الجمال الإلهي ولا ماهي روعة العلاقة الحميمة بين الله والإنسان؛ وستظل جاثمة على صدروهم ومسيطرة على عقولهم وخيالهم صورة ذلك الإله السادي الانتقامي المتناقض التي رسمها لهم رجال دين؛ معقدين! أو جهله!