الحقيقة الخالدة: أن الله هو نور السماوات والأرض؛ وبدونه ليس نورًا! العهد القديم يقرر على فم اشعياء النبي أن الله النور الحقيقي؛ كان محتجبًا عن الإنسان: "حقًا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل" (اش ٤٥:١٥)؛ والإنجيل يقرر أيضًا أن الله هو النور الحقيقي الذي كانت الحياة في نوره، وهي التي تنير وتحيّ الإنسان؛ لكن هذه الحياة التي في النور الأزلي؛ أي في الله: الذي كان بعيدًا عن الإنسان ومحتجبًا!
ولأن الحياة والنور كانا محتجبين في الله بعيدًا عن الإنسان؛ كانت البشرية جالسة في الظلمة وظلال الموت (لو٧٩:١) فمن أين لهم النور ومن أين لهم الحياة؛ والنور محتجب عنهم في الإله البعيد عنهم جدًا؟
هذه هي افتتاحية إنجيل القديس يوحنا، ومفتاح فهم بشارة الإنجيل والفارق الجوهري بين الإنجيل؛ وناموس موسى: أن الناموس أعطى الشريعة للبشرية ولم يعطها نور الحياة؛ فظلت قابعة في الظلمة وتحت الموت مع عدم القدرة على تنفيذ الشريعة! "الناموس بموسى أُعطي" (يو١٧:١) لهذا جاء النور الحقيقي إلى العالم: لكي ينير كل إنسان في العالم (يو٩:١)
لهذا قال المسيح له المجد: "أنا قد جئت نورًا للعالم" لأنه هو النور الحقيقي المولود من النور الجوهري؛ القادر وحده أن ينير كل إنسان، وأن ينير على الجالسين في الظلمة؛ طبعًا لمن يقبله ليدخل إليه بكامل حريته وإرادته.
وبقبول الإنسان للنور الحقيقي تصير له الحياة الأبدية التي في النور الحقيقي؛ فيستنير بنوره ويحيا بحياته؛ لذلك يقول له المجد: أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له "نور الحياة" (يو ١٢:٨)
الظلمة والموت مرتبطان ببعضهما؛ وكذلك النور والحياة وجهين لعملة واحدة؛ فمن يقبل في داخله النور الحقيقي النازل من السماء؛ يستنير ويحيا به لأنه "نور الحياة"؛ فيطرد النور الظلمة من أعماقه، وتفيض فيه الحياة التي تبيد وتبطل الموت من كيانه.
المسيح لم يهدم (ينقض) الناموس الضابط والمؤدب لبشرية تحت الموت وظلمته؛ ولكن لأن الناموس عجز عن أن يُغَيِّر الإنسان؛ لأنه لا يملك الحياة الأبدية؛ فقد أحل المسيح محله: "ناموس روح الحياة" (الروح القدس) (رو٢:٨، عب١٢:٧)
ناموس موسى قد أعطى الشريعة؛ أما النور النازل من السماء متجسدًا في المسيح؛ فقد أعطى للإنسان النور العقلي والحياة الأبدية "نور الحياة"
كثيرون حاولوا بلوغ وصية الإنجيل والغلبة على الخطية دون جدوى؛ وظلوا مهزومين من الخطية وتحت الموت؛ لأنهم لم يستقبلوا من النور الحقيقي: عطية الحياة الأبدية ونور الحياة في أعماقهم وقلوبهم.
هذه هي بشارة الإنجيل أنه له المجد: يَهِبُ نور الحياة لكل الذين قبلوه؛ الفرصة لم تضع بعد؛ تستطيع أن تقبل منه نور الحياة، وحياة الغلبة والنصرة على الخطية والموت، وتبدأ رحلة الإنجيل والتبعية من مدخلها الصحيح.
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "المسيح كما أعلنه الإنجيل" اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/JesusAsTheGospelRevealed.php