[هذه السلسلة من المقالات عن إعادة قراءة العهد القديم بعيون وفكر العهد الجديد؛ ليست تكرارًا ولا حوارًا حول سلسلة المقالات التي سبقتها؛ التي برهنت أن ناموس العهد الجديد (روح الحياة القدوس)؛ قد حل محل ناموس العهد القديم (الخطية وعقوبة الموت) "لأنه إن تغَيَّر الكهنوت فبالضرورة يصير تغيُّر للناموس أيضًا" (عب ١٢/٧)؛ ولكنها محاولة تطبيقية جادة لقراءة العهد القديم بفكر العهد الجديد]
لقراءة المقالات السابقة من هذه السلسلة اضغط عالرابط التالي
https://anbamaximus.org/articles/
"فإن الحياة أُظْهِرَتْ، وقد رأينا ونشهد ونُخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظْهِرَتْ لنا" (١يو١:٢) هذا هو خبر الإنجيل: "أن الشعب الجالس في ظُلْمَةٍ أبصر نورًا عظيمًا والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نُورٌ" (مت ٤:١٦)
فهل كان الشعب القديم مؤمنين ومُخلَّصين لأن دم يسوع المسيح كان معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم؛ أم كانوا ومعهم ناموس موسى جالسين في الظلمة وظلال الموت؟!
لا شك أن العدد الهائل من أحداث القتل والإهلاك والحروب التي امتلأ بها تاريخ العهد القديم وتشريعات ناموس موسى مع أوامر القتل والنهب والحرق والاستعباد واسترقاق النساء والأطفال؛ التي أصدرها الملوك والأنبياء للشعب القديم؛ تؤكد حقيقة واحدة: "أن الموت قد مَلَكَ" على البشرية؛ وبالموت مَلَكَ من له سلطان الموت أي إبليس (عب ٢:١٤) وصار إبليس هو رئيس (وسيد) هذا العالم (يو ٣٠:١٤) الذي قد وُضِعَ كله في الشرير (١يو ٥: ١٩)
وأين كانت هذه الحياة المحتجبة عن العالم والبشرية كلها؟
كانت عند الآب؛ ولم تُظْهَر من قبل للخليقة التي كانت في الظلمة وظلال الموت إلا بتجسد الابن الوحيد: "ظَهَرْتَ لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت؛ بابنك الوحيد الجنس ربنا وإلهنا ومُخلّصنا يسوع المسيح هذا الذي من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم تجسد وتأنس وعلّمنا طريق الخلاص"
الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظْهِرَتْ في المسيح؛ قد أُعطيت لنا بالاتحاد به حتى إننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية (٢بط ١: ٤) ومن هنا صار إلينا وعد المسيح المبارك: "من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضًا ويعمل أعظم منها لأني ماضٍ إلى أبي" (يو ١٤: ١٢)
وهذا هو ما عبر عنه الرسول بولس على هذا النحو: "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غلا ٢٠:٢)
الفارق تطبيقيًا بين استعلان الحياة الأبدية بالتجسد في إنسان العهد الجديد؛ وبين معاملات الله مع إنسان العهد القديم يمكننا أن نراها في هذه المقارنة بين إقامة إيليا لابن الأرملة من الموت؛ وإقامة بطرس الرسول لغزالة:
في قصة إيليا "فتمدد على الولد ثلاث مرات وصرخ إلى الرب وقال: يا رب إلهي لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه؛ فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش" (١مل ١٧: ٢٢،٢١)
أما في قصة بطرس "جثا على ركبتيه وصلى، ثم التفت إلى الجسد وقال: «يا طابيثا، قومي!» ففتحت عينيها" (أع ٤٠:٩) وهو ليس فقط أمر الميت: قومي؛ فقامت! حتى إنهم كانوا يحملون المرضى خارجا في الشوارع ويضعونهم على فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ حتى لو إذا جاء بطرس يُخَيِم ولو ظله على أحدٍ منهم… وكانوا يبرأون (أع ١٦،١٥:٥)
هذه المقارنة بين عمل الله في إنسان العهد القديم والسلطان الذي صار باستعلان النور الأزلي بالتجسد في المسيح؛ في إنسان العهد الجديد: ستجيب تطبيقيًا وعمليًا على المفارقة الهائلة التي صارت باستعلان حياة الله الغالبة للموت في العهد الجديد؛ ولم تكن في القديم.