مازلت غير قادر على أن أفهم لماذا يصر بعض من يخدمون الإنجيل على التمسك بالموروث اليهودي ومساواته بإنجيل المسيح؟! ثم يتخذون من استشهاد المسيح له المجد بنصوص من العهد القديم برهانًا على هذه المساواة بين القديم والجديد.
السؤال الأول: لماذا لم يقتبس المسيح من العهد القديم هذه النصوص على سبيل المثال: "وإذا أغواك سرَّا أخوك ابن أمك أو أبنك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلا نذهب ونعبد آلهة أخري … لا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره بل قتلاً تقتله. يدك تكون عليه أولا لقتله ثم ايدي جميع الشعب اخيرا.!!!"(تث١٣: ٦-١١)
أو مثل: "يلصق بك الرب الوبأ حتى يبيدك عن الأرض التي أنت داخل إليها لكي تمتلكها، يضربك بالسل والحمى والبرداء والالتهاب والجفاف واللفح والذبول فتتبعك حتى تفنيك … وتكون جثتك طعامًا لجميع طيور السماء ووحوش الأرض وليس من يزعجها، يضربك الرب بقرحة مصر وبالبواسير والجرب والحكة حتى لا تستطيع الشفاء. يضربك بالجنون … يُسلم بنوك وبناتك إلى شعب آخر وعيناك تنظران إليهم فتكلان وليس في يدك طائلة… ألخ"
(سفر التثنية فصل ٢٨ من التوراة الموحى بها إلى موسى النبي)
إجابة السؤال الأول برأيي أن الرب استشهد من القديم فقط؛ بما يتوافق مع إنجيله وعهده الجديد.
السؤال الثاني: هل عبارة الرسول بولس "كل الكتاب (أي العهد القديم لأن الجديد لم يكن قد اكتملت كتابته وتجميعه بعد) موحى به من الله" (٢تي١٦/٣) تعني: أن "كل أسفار" الكتاب (أي العهد القديم) موحى بها من الله؛ أم أن كل المكتوب في الكتاب نصًا نصًا موحى به من الله؟ إذا كانت الإجابة هي نصا نصًا؛ فهذا معناه أن إلههم أوحى بمثل هذه النصوص وأنها كلمة الله: "فحمي غضب شاول على يوناثان وقال له يا ابن المتعوجة المتمردة أما علمت أنك قد اخترت ابن يسي لخزيك وخزي "عورة أمك"! (راجع قذارة العبارة في النص العبري)
(الوحي المقدس في سفر صموئيل الأول ٢٠ /٣٠!).
الإجابة برأيي: أن الوحي المُتَكَلّمْ به هو الكلمة النبوية فقط: "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (٢بط٢١/١)
السؤال الثالث: هل الكتاب المقدس هو المسيح، والمسيح هو الكتاب المقدس؟! أم أن هذه العبارة هي تجديف (لهلاك أنفسهم) على اسم المسيح بحسب حق الإنجيل؟
الإجابة برأيي أن المسيح هو الحق الذي أعلنه الإنجيل وتنبأ عنه الأنبياء في العهد القديم وليس هو الكتاب المقدس!
السؤال الرابع: كم مرة كُتب عن المسيح له المجد في أيام جسده: أنه تمم الناموس؟! وما هو نص الإنجيل الذي أسستم عليه بدعة أن المسيح جاء: "ليتمم الناموس"؟ وهل سياق الكلام في (مت ٥) يعني التتميم أو التكميل بالكامل؛ طبعًا إذا كان هناك بقية من ضمير؟!
لقد نجحت الصهيونية المسيحية في ابتكار عبارة "الحق الكتابي" (بدون نص من أي من العهدين) لتحل محل عبارة "حق الإنجيل" بنص العهد الجديد في (غل ٥/٢،١٤/٢) و (كو٥/١). وبالحسرة والأسف تداولها من هم خدام "حق الإنجيل!"؛ ونجحت في أن تعيد استدعاء الناموس الذي تم تبديله بناموس آخر جديد؛ إلى جوار رب المجد وناموس روح الحياة! (عب ١٢/٧، رو٢/٨)
بحسب لاهوت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية فإن كنيسة المسيح قد حلت محل الشعب القديم؛ وأن ناموس روح الحياة (الروح القدس) قد حل محل ناموس موسى وعهده القديم (عب١٢/٧)؛ وأن العهد الجديد ليس تكملة للقديم؛ ولكنه عهد الكمال الذي صار بين المسيح وكنيسته؛ دون أن يهدم القديم النافع للتعليم؛ وأن المسيح نفسه قد صار لنا رأس وأساس إيماننا في العهد الجديد؛ محل الناموس وعهده القديم؛ وليس أن الإيمان الشخصي للأفراد هو أساس الإيمان! وأن رب المجد ورسله اقتبسوا من الكلمة النبوية الممتدة إلى العهد الجديد؛ دون ما عتق وشاخ وصار قريبًا من الاضمحلال؛ وكنيستنا لا تهمل العهد القديم ولكنها تقرأ القديم بعيون الجديد، وتؤسس إيمانها على رب المجد وعهده الجديد؛ وليس على العهد القديم؛ مع كل الاعتبار لنبوات العهد القديم وشهادتها للمسيح له المجد؛ وأن المسيح هو حق الإنجيل؛ دون خلط للقديم بالجديد باسم وحدة الكتاب المقدس؛ فما يربط العهدين هو نبوات العهد القديم عن المسيح؛ وإعلان الجديد لشخصه المبارك، وهو الحق الوحيد: قبل العهد القديم وبعده، وهو المعنى الوحيد؛ لوحدة الكتاب المقدس بعهديه.