من أسوأ المآسي التي مررت بها في حياتي: أنني كنت أعتقد أنني مسيحيًا؛ كما علمني والدي وكما تأكدت من هذا في الكنيسة، وعشت على هذا النحو كل شبابي المبكر؛ أحاول جاهدًا أن أطيع الإنجيل ووصاياه بكل ما أوتيت من قدرة؛ لكنني لم أتذوق طعم الفرح ولا راحة النصرة مرة واحدة؛ وقد كان أملي أنني من خلال الدراسة اللاهوتية سأصل إلى الحقيقة والإجابة؛ ولما كنت قد وصلت إلى السنة النهائية وأوشكت على التخرج؛ أصابني الغضب والإحباط لأنني بعد شهورًا قليلة سأصبح خادمًا ثم كاهنًا في كنيسة ما؛ وأصبح واحدًا من هؤلاء الذين أراهم حولي! لا أعرف ما هي الحقيقة!
كنت عاجزًا عن الرجوع إلى الوراء؛ وغير قادر على التقدم إلى الأمام؛ ولم يكن حولي من يجيب على حيرتي؛ فعدت إلى نقطة البداية: الإنجيل والصلاة بلجاجة؛ فتحنن القدير عليَّ وفتح عيني لأكتشف الحقيقية التي غيرت وقلبت حياتي رأسًا على عقب: أنني ومن حولي ومن يعلمونني: مسيحيون متهودون! أي نؤمن بأن المسيح قد جاء في الجسد ولكننا نعيش بفكر العهد القديم وناموس اليهودية؛ وليس بلاهوت العهد الجديد وإنجيل المسيح يسوع!
لم أكن قد سمعت ولا مرة واحدة في كنيستي عن "الحياة الجديدة" التي عرفت بعد ذلك أنها بوابة ومفتاح الحياة المسيحية وطريقها أيضًا؛ بل والأشر من ذلك أن معلمينا كانوا يقولون لنا بكل جسارة على الإنجيل؛ أن الجمل التي وردت في الإنجيل عن الحياة الجديدة هي الآيات التي يستخدمها البروتستانت وتقول لهم "لغتك تظهرك"؛ أنك بروتستانتي! بينما تكون أرثوذكسيًا حينما تصلي بالمزامير (صلاة الأجبية) وتُقِر أن الكاهن مُعطي سلطان من الله لكي يغفر لك خطاياك؛ إذا اعترفت له بها؛ وإذا لم تعترف للكاهن بخطيئتك تظل بدون مغفرة!
قيل لي حسنًا؛ لقد أنار الروح القدس بصيرتك على عمل النعمة فإذهب إلى الكنيسة المستنيرة لتجد المزيد؛ بحثت عنها لأجدهم يعيشون إيمانًا سطحيًا ونعمة رخيصة! وأنهم أكثر تهودًا من غيرهم بتمسكهم بعهدهم القديم واختراق المسيحية الصهيونية لمفاصل كنائسهم.
كيف يكون المرء إنسانًا حكيمًا ويؤمن بكتاب مقدس واحد نصفه القديم يقول: "الرب يميت ويحي"(١صم٦/٢) بينما يؤكد نصفه الجديد: أن الذي يميت (له سلطان الموت) هو إبليس (عب ١٤/٢)!
أنها مجرد محاولة متواضعة مني أن أهدي خبرة رحلة شاقة طويلة إلى من يريدها وهي: لا ينفعكم المسيح شيئا؛ ما دمتم متهودين (أي إذا اختتنتم)! (غلا٢/٥). فمن يريد النجاة فليبدأ من اختبار الطبيعة والحياة الجديدة التي في المسيح يسوع؛ وينعتق بالتوازي من ناموس الخطية والموت (ناموس العهد القديم) إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح؛ لأن ناموس روح الحياة (الروح القدس) في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت (العهد القديم) (رو٨/٢)