هل يصف سفر أعمال الرسل دفتر أحوال كنيسة أو طائفة ما؛ أم أنها حالة كنيسة يسوع المسيح كما قصدها وكما تحققت بها وفيها وعوده التي وعد بها البشرية في أيام كرازته؛ وقد تحققت على أرض الواقع بواسطة الخليقة الجديدة؛ في تلاميذه؟
الصهيونية المسيحية التي أبهجها غياب كل ملامح التميز التي صاحبت كنيسة العهد الجديد عن كنيسة العهد القديم بأعمال محبة الله وقوة وخلاص الابن الوحيد وشركة مواهب الروح القدس؛ طمأنت الجميع إلى حالة الركود وغياب القوة والآيات والمعجزات؛ بأن الآيات والمعجزات كانت فترة استثنائية مرتبطة بوجود الرسل، وقد انقضت بانقضاء حياة الرسل على الأرض، وكان العالم بحاجة إليها وقتها للتبشير بالكلمة؛ وأما الآن فلم يعد العالم بحاجة إلى شيء!
لكن لماذا يتنازل الإنسان عن ذكائه وحكمته ويقبل بهذا التفسير الذي يرتد بالكنيسة إلى صورة المجمع اليهودي طبق الأصل! بفارق الإيمان بمسيح بلا قوة؛ قد جاء في الجسد!
هل أسهمت الحركات الروحية التي رفعت شعار "يوم الخمسين" في أن تحفر قبرها لنفسها ولمن سيرفع هذا الشعار بعدها؛ بأن اختزلت مواهب الروح القدس والقوة في موهبة التكلم بالألسنة؛ التي هي بدورها تثير علامات استفهام كثيرة حولها؟ أم أن غياب الكنيسة الموشحة بسلطان الروح القدس والقوة مع المحبة والقداسة؛ كان هو سبب حالة الهزال المزرية التي اصابت الجماعة التي كان يطلق عليه يوما: كنيسة يسوع المسيح؟
على أية حال بعيدًا عن الالتباس والصراع السخيف الذي ثار بين دعاة التكلم بألسنة وأصحاب نظرية انتهاء المواهب بانتهاء عصر الرسل؛ تظل مرجعيتنا الأصيلة هي العهد الجديد واللوحة المعبرة الناطقة بالحق المُعاش: "أعمال الرسل"؛ لماذا إذًا لا نقارن حال وواقع كنائسنا مع كنيسة أعمال الرسل؟
لأن المقارنة ستقلق حالة الاستسلام للانهزامية التي نعيشها، وسنكون في موقف محرج أمام رعيتنا مع الاستجواب الأكثر إحراجًا:
لماذا خلت كنائسنا من إظهارات القوة ومواهب الروح القدس؟!