"فإنه لأجل هذا بشر الموتي لكي يدانوا حسب الناس بالجسد ، ولكن ليحيوا حسب الله بالروح" (بط ٦/٤)
المواجهة التي حدثت مع الشيطان في الصليب؛ كانت بين إنسانية المسيح (روحه ونفسه وجسده) والشيطان! فذاق الموت بجسده؛ وبذلك انفصلت روحه الإنسانية عن جسده، وبخروج روحه من جسده بالموت؛ صارت المواجهة بين روحه الإنسانية والشيطان؛ ولكن روح المسيح المتحدة بلاهوته؛ فاضت منها قوة الحياة الإلهية والنور في مواجهة روح إبليس الذي هو روح الموت والظلمة؛ أي صارت مواجهة بين النور والظلمة؛ والحياة والموت؛ وبذلك أبطل النور قوة الظلمة وأبادت الحياة سلطان الموت؛ فانهارت قوة الشيطان ونزع منه سلطانه بالموت على البشرية فطرح مدحورًا مهزومًا إلى الهاوية بلا قوة أو سلطان (وهذا هو معني تقييده) فتعقبته روح المسيح الإنسانية الغالبة الفائضة بالنور والحياة إلى الهاوية؛ حيث أرواح الموتى المسجونين والمقيدين فيها بقيود الظلمة والموت.
فإستنارت كل أرواح القديسين بنوره وأستلمت منه قوة الحياة والقيامة التي فكتهم من قيود الموت وأجتذبهم معه للخروج من هاوية الموت إلى القيامة الأولى"قام كثير من أجساد القديسين الراقدين" (مت ٥٢/٢٧ ) أما الأرواح التي أحبت الظلمة أكثر من النور؛ فقد هربت من نوره وإبتعدت بعيدا؛ لتبقي في الموت والظلام!
هذه صورة نسبية لما سيحدث عند إستعلان المسيح في مجيئه الثاني؛ إذ أنه له المجد بعد قيامته لما إرتفع إلى السماء دخل بإنسانيتنا إلي كل مجده وبهذا أشرك إنسانيتنا ومن ثم نحن! في كل مجده؛ لكي نتغير إلى صورته تلك عينها حينما سيظهر في مجده ونراه: عين لعين ووجها لوجه في مجيئه الثاني؛ مغيرا إيانا ببهاء المجد وقوة الحياة والقيامة التي تفيض منه على أولئك الذين سيفرحون بمجيئه والشخوص فيه بمحبته.
أما الذين أحبوا واختاروا الظلمة بدلا من نوره الفائق؛ رافضين أن يأتوا إليه؛ فسيظلوا باقين وماكثين في الظلمة؛ يقول القديس إيريناوس أن الإرادة العنيدة التي إختارت الظلمة؛ ستهرب من مواجهة نوره وبهاء مجده حتى لا تواجه الدينونة؛ وهذا هو معنى "يقولون للجبال: اسقطي علينا! وللآكام: غطينا (٢٣/ ٣٠ ) ، (رؤ٦ / ١٦ )