من أكبر الأخطاء التي يرتكبها البشر في صراعاتهم؛ هو إستخدام أسلحة العدو! وعدم الذكاء في إستخدام أسلحة العدو هو أن العدو دائما أكثر إجادة لأسلحته! ومن ثم فلا نجاح ولا إنجاز إلا بأسلحتك الخاصة بك، والتي لا يمتلكها العدو أو يمتلك مثلها؛ ومن هنا يتحقق التفوق والإنجاز في الصراع،
الصراع دائما ليس نزهة ولا أحلام وأماني؛ ولكنه صراع بين قوى، الأنتصار دائماً فيها يكون للأذكى والأقوى؛ أي الذي يمتلك أسلحة أقوى من العدو،
في الصراع الذي دار بين إيليا وأنبياء البعل؛ كان أنبياء البعل مؤيدين من الملك والملكة والجيش؛ وإستطاعوا أن يضلوا الشعب؛ حتى أصبحوا مصدقين ومقتنعين أن البعل هو الله!
ومن هنا كان على إيليا أن يثبت لهم: أن البعل ليس هو الله؛ وأن الله الحقيقي أقوى من البعل؛ وحتى يمتثلوا لكلامه؛ كان عليه أن يبرهن للشعب أنه يمثل قوة الله القادر على كل شئ؛ وبطريقة عملية
التاريخ يعيد نفسه بسيناريوهات متنوعة ومسميات مختلفة؛ ولكن الموضوع واحد: الشيطان يوظف كهنته المزيفين لتضليل الشعب؛ ويدعمهم بأحد أشكال السلطة والنفوذ؛ والأنبياء والمبشرين يحاولون إسترداد هذا الشعب المُغوي نفسه؛ من يد المُضَلين إلى طريق الحياة.
ليس من الذكاء أن يُتوقْع من أنبياء البعل سوى الشرور والغباء؛ وعلى إيليا أن يواجههم والشعب بسلطان الله الذي يصدمهم ويتحدى عمق إحتياجاتهم؛ أنه هو وإلهه من يملكون الحل والمخرج من المأزق؛ وإلا فلن ينتصر على مُضلي الشعب المدعومين من إيزابل الملكة! وهذا هو السلاح القوي الذي يمتلكه إيليا ولا يمتلكه أنبياء البعل؛ والذي وظفه لفضح زيفهم؛ وبرهن به بنفس الوقت على سلطان الله وصدق إرساليته: أنه صلى لأجلهم فنزل المطر مجددًا بصلاته بعد إنقطاع دام ثلاث سنين وستة أشهر
إرسالية المسيح وتلاميذه لم تكن كلامًا؛ بل كانت مبرهنة بأعمال محبة الله لتسديد احتياج الإنسان؛ فكان المسيح يجول يصنع خيرًا ويشفي المتسلط عليهم من إبليس ويبارك الخبز للجياع ويهب الأمان للخائفين؛ وهذا هو السلاح الفعّال القادر على فضح زيف التدين الكاذب من ناحية؛ وتقديم البديل المسدد لإحتياج الإنسان والمبرهن على سلطان الله ومحبته من الناحية الأخرى.
في أجيال سابقة كانت الحقائق الدينية مسلمات غير قابلة للنقاش؛ بل وكانت مؤيدة بقسوة السلطة الدينية وربما المدنية؛ ولكن في هذا العصر صار كل شئ مخضعًا للعقل والبرهان؛ بما في ذلك كل ما هو ديني وإيماني! وصار طغيان الشر والفساد مدعومًا ومحمياً بالتشريعات والسلطة الزمنية في بلاد كثيرة من العالم! فمن لا يمتلك قوة وسلطان الله كإيليا؛ سيصعب عليه الصمود في وجه الشر وتقديم البرهان على إيمانه.