من أسوأ ما أصاب المسيحية في عصور القهر والضعف ؛ أن فقدت منها مُثل الحرية والقوة والمجاهرة ؛ وإستبدلت بإنهزامية و ضعف و خنوع ! كان في نظر البعض محاولة لدرء شر الطغاة ؛ و من ثم بدأوا يقرأون عبارات الإنجيل مجتزأة لتأكيد هذه المفاهيم ومن أشهر هذه الاقتباسات التي تشوهت بهذه الصورة الإنهزامية : عبارة المسيح له المجد في الموعظة علي الجبل " لا تقاموا الشر ( أي بالشر) بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا" و الاضافة التوضيحية علي النص بين القوسين ( أي بالشر) ليست من إبداعي و لكن هذا النص ورد بهذا الشرح في موضع آخر في العهد الجديد في(رو١٢ :٢١،١٧) "لا تجازوا أحدًا عن شر بشر . . لا يغلبنك الشر بل إغلب الشر بالخير" وهذه فعليا هي وصية المسيح ؛ لا أن تكون جبانا ؛ بلا أن لا تكون شريرا و أنت تقاوم الشر ؛ وهذا هو بالضبط ما فعلة المسيح له المجد تطبيقيا حينما لطمه عبد رئيس الكهنةإذ أوقفه عند حده ؛ رغما أنه كان في موقف من يحاكم و ليس من يحكم!قائلا له يا صاحب لماذا تلطمني؛ إن كنت قد فعلت رديا فإشهد علي الردئ وإن حسنا فلماذا تلطمني ؟
ثم تم إضافة مبدأ الطاعه العمياء بغير فحص لرجال الدين الذي ربما يكون قد أستحضر من ممارسة الحياة الرهبانية بقصد أو بغير قصد ليطبق علي حياة المؤمنين والكنيسة في العالم لكي ينهي تمامًا علي روح الحرية وعلي نعمة التمييز و الحكم علي الأمور و يحول المؤمنين الي عبيد للسادة الذين لا يخطئون من رجال الدين؛ الأمر الذي ترتب عليه تجبر و طغيان رجال الكنيسة و رؤساء الكهنة في حقب متعددة من تاريخ الكنيسة أثمرت أفعالا قبيحة يندي لها جبين التاريخ و البشرية الحرة العاقلة الأمر الذي إستدعي إعتذار باباوات روما ذوي الضمائر الحية.
المخجل و المؤسف حقا هو الخلطة السحرية للمفاهيم لقمع عقل وإرادة أبناء الكنيسة ؛ بتأليف الفكرة المخجلة حقا أن الله لا يغفر الخطايا للمؤمنين إلا إذا غفرها لهم الكاهن أولًا!! و أن الكهنة يحلون و يربطون علي الارض و في السماء !! ثم مزج فكرة الحل و الربط هذة بفكرة الطاعة و الخضوع بدون عقل ؛ثم أُضيف الي خلطة الاستعباد هذه عبارة : رئيس شعبك لا تقل فيه سوء.
الأكثر عارًا و إخجالا ؛ ليس هو طغيان رجال الدين ؛ بل هو حالة الاستعباد و الخنوع المبكي المهين ؛ الذي أُقنعت فإقتنعت به الرعية المسالمة حتي صاروا متمسكين بالعبوديه لرجال الكنيسة ؛ متوهمين أنهم بهذا يرضون الله !
الله لم يترك نفسه بلا شاهد لكنه نجح في أن يجند في كل جيل من يعلن حق الإنجيل ويدافع عن حرية وكرامة وخلاص الإنسان موضوع محبة الله و رعايته ؛ ويجددوا للكنيسة شبابها و محبتها للمسيح.