إذا كان الله يحب الإنسان كما تبشرون نهاراً وليلا؛ وهو علي كل شيء قدير؛ فلماذا لم يمنع وباء كورونا عن البشرية؟ ولماذا لم يستجب الله لدعائي وصلواتي من أجل مريضي حتي مات بالكورونا؛ علي الرغم من أنني كنت أصلي بإيمان ؟ هذا سؤال حقيقي ولابد من الإجابة عليه؛ وأرجو أن أوضح أن إجابتي على هذين السؤالين ستكون من وجهة نظر لاهوت الكنيسه الشرقية الأرثوذكسية فقط؛ دون أن يكون معنى تعارض إجابتي مع معتقداتك أنني أهاجم معتقدات غيري مؤكدًا علي إحترامي لسائر المعتقدات ومحبتي للجميع.
أولا خدعوك من قالوا : أن الله يستجيب لأي من دعاه بالصلاة! أو أنه ملزم بالاستجابة بصفته أنه راعي الكون! داود النبي في سفر المزامير يجيب على السؤال بطريقته إذ يقول: "إن راعيت في قلبي إثما فلا يستمع لي الرب"( مز ١٨/٦٦) فلا يوجد أي إحتمال لإستجابة الصلاة طبقا لهذا النص؛ مادامت هناك خطيئة محبوبة للإنسان أكثر من محبة الله؛ وفي العهد الجديد في (يو٧/١٥) يقول المسيح له المجد: "إن ثبتم في وثبتم كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" ومن ثم فطبقا لطريقة فهمنا للكتاب المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية فإن إستجابة الصلاة مشروطة بصحيح علاقة الإنسان بخالقه المؤسسة على حرية إرادته من ناحية؛ وإرادة الله الصالحة من الناحية الأخرى؛ يعني لا يظن الذين يصلون من أجل خراب بيوت من يكرهون؛ أنهم يستجابون! طبعا!
فهل يمكن لله بصفته خالق الكون وسيده؛ وأنه على كل شئ قدير؛ أن يتدخل إقتحاما في حياة البشر ورغما عن إرادتهم ليصنع لهم الخير والمعجزات؛ لأنهم لا يعرفون أين توجد مصلحتهم؛ بينما هو القدير الذي يعرف ما هو الصالح للبنين؟ من وجهه نظر الإنجيل بحسب لاهوتنا الأرثوذكسي؛ فإن هذا المنطق يناسب وظيفة الراعي الذي يرعى قطيع من الأغنام! لكنه لا يناسب الإنسان الحر ولا الله خالق الحرية وواهبها للإنسان.
فعلى الرغم من كم المعجزات الهائل التي عملها المسيح؛ إلا أننا نقرأ في الإنجيل في إحدي المرات : " أنه لم يقدر أن يعمل قوة واحدة " لقد كانت هذه المرة في كفر ناحوم؛ والاجابة علي السؤال لماذا في هذا النص:" فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته ؛ ولَم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة؛ غير أنه وضع يديه علي مرضى قليلين فشفاهم وتعجب من عدم إيمانهم"( مر ٦ : ٤ - ٦)
نحن كنيسة تؤمن بإستمرار المعجزات وبمواهب الروح القدس؛ ولكن هناك فارق بين الحقيقة والاختبار العملي علي أرض الواقع المؤسس على الإيمان والطاعة؛ وبين الكلام الغير قابل للتحقيق علي أرض الواقع؛ أو الذي ينكر ويلغي محورية دور الإنسان وصدق وصحيح علاقته بالآب السماوي؛ حتي تصبح المعجزات وإستجابة الصلاة حقيقة معاشة !