أتعجب متألمًا من إصرار البعض على البقاء تحت تأثير وسلطان الموروث اليهودي وذهنية ناموس الجريمة والعقاب في علاقة الله بالإنسان بعد أن أعلن لنا المسيح له المجد: "لا أعود أسميكم عبيدًا بل أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" وغير قادر أن أفهم ما هو المكسب الذي يعود عليهم (بخلاف الدعم المادي) من الإصرار على إنكار عطية العهد الجديد مقابل الوقوع تحت ما عتق وشاخ! الناموس الذى لم يكمل شيئًا! بنص الرسالة إلى العبرانيين.
والمؤسف أن هذا المنهج في فهم كلمة الله إنتهى بهم إلى فهم علامات نهاية الأزمنة على أنها ضربات من الله لمعاقبة الاشرار؛ ومن ثم فهي أمر حتمي من جهة لأنها أمر الله؛ ومن الأخرى لأنهم مؤمنون ومخلصون؛ فلن يمسهم طبعًا أي أذى دون سهر وإستعداد! ولأنها أعمال الله كما يتوهمون وليست أعمال إبليس كما هي الحقيقة؛ فلا جهاد روحي من أي نوع ضدها لإبطال مشورة الشر ولنقض أعمال إبليس! ولهذا السبب أيضًا فإن قراءتهم لسفر الرؤيا لا ترى إلا هذه الضربات؛ ولا ترى أبدًا أن المسيح هو الذي قاد المعركة بإنتصار وخرج غالبًا ولكي يغلب؛ وأن المعركة حسمت حسب سفر الرؤيا باستعلان الكنيسة العروس وباكورة الغالبين.
وأن الذين غلبوه بدم الحمل وبكلمة شهادتم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت؛ جلسوا معه في عرشه كما غلب هو أولاً وجلس مع أبيه في عرشه؛ ولا أن المعركة إنتهت بأن صارت ممالك الأرض للرب ولمسيحه وأن الشرير طرح في بحيرة النار؛ ولَم يدركوا أبدًا أن الشرير المخلوق أصلاً من النار (عب٧/١) لا يمكن أن يحرقه نار وكبريت مادي! وإنما هو الروح النجس الذي تدينه وتحرقه إلى أبد الآبدين، نار الحب والقداسة التي ستتفجر من عرس المسيح والكنيسة المقدسة والمطهرة بدمه.
فكيف لمن تغطى عقله ببرقع العهد القديم أن يفهم أو يدرك أسرار ملكوت السماوات؟! أما أنتم يا بنو الملكوت وأبناء النور الذين لهم وحدهم أكتب هذه السطور؛ فامتلئوا من حق الإنجيل ورجاء الغلبة؛ وتمسكوا بطاعة الوصية وبسلطان إسم الرب يسوع المسيح سيد ورئيس ملوك الارض الذي سينفذ مشيئته وغلبته وخلاص مختاريه وسيبدد مؤامرة الشرير والاشرار؛ فقاموا إبليس فيهرب منكم؛ وقاوموه راسخين في الإيمان ساهرين ومتوقعين النعمة التي يؤتي بها إليكم عند استعلان ربنا يسوع المسيح عالمين هذا: أن أسلحة محاربتنا ليست جسدية؛ بل قادرة بالله على هدم حصون الشر.