لقد مررنا بعصر؛ لم يَذْكر له التاريخ نظيرًا؛ ولا في أسوأ عصور الضعف والانحطاط! أكثر المتابعين من الشباب كانوا صغارًا في السن ثم قُدِّمت لهم لاحقًا صورة مكذوبة! بينما كان الكبار قد لاذوا بالصمت؛ خوفًا من قطع العيش وإهانة الكرامة؛ أو جبنًا عن المواجهة؛ أو لأن الأذى بعيدًا عنهم؛ والتودد للجَلاَّد طريقًا للنجاة! ولذلك فالشباب مكذوب عليهم؛ والكبار لا يريدون الاعتراف بالحقيقة؛ لأن الأبناء سيسألونهم بصوت واحد: لماذا جبنتم وصمتم؟! وقد حاولت وغيري أن نستبشر ونتأمل خيرًا بعهد جديد للكنيسة؛ غير أن نياحة طيب الذكر الدكتور جورج حبيب؛ أكدت أن عصر السلخانة انتهى من على الكرسي الرسولي؛ لكنه مايزال موجودًا بين الخونة من الأساقفة كاذبي الاسم وأذيالهم الحقيرة!
وحتى يكون معروفًا للجميع حقيقة الأمور؛ فلم يكن قرار رفع الحرم عن د. بباوي منحة؛ ولا شجاعة من أحد! ولكنه صدر بالمواجهة مع سلطة القانون؛ فقد طُلِبَ من البابا الحالي تنفيذ حكم محكمة مجلس الدولة ببطلان قرار مجمع أساقفة الكنيسة القبطية بحرمان د. بباوي لأنه أُتخذ بدون محاكمة؛ وبدون فرصة للدفاع عن النفس! (كحق مدني) دون التدخل في قضايا لاهوتية من أي نوع، أما النزاع اللاهوتي الذي ترتب عليه (بطريقة مباشرة) جمع الأساقفة وإلزامهم بالتوقيع على قرار حرم بدون محاكمة؛ فقد حدث على النحو التالي بدقة: لسبب أو لآخر قال البطريرك السابق أننا في سر القربان المقدس نأكل الجسد فقط "لأن اللاهوت بطبعه لا يؤكل" ولأن هذه عبارة نسطور حصرًا ولفظًا!
التي حرمها مجمع أفسس كواحدة من الحرومات الاثني عشر! فقد غضب د. بباوي من هذا الجهل والخرق الجسيم لصريح لاهوت الكنيسة وبحرومات مجمع مسكوني؛ فكتب إلى أصدقائه رسالة إلكترونية يشرح فيها المأساة؛ ثم أنني اَطلعت الصديق الأستاذ أسامة سلامة (رئيس تحرير روز اليوسف سابقًا) علي شكوى د. جورج لأصدقائه؛ الذي فاجأنا جميعًا بنشرها في مجلة روز اليوسف بعنوان إعلامي مثير!
فإذا بالبطريرك السابق؛ يجمع مجمع الأساقفة ويحكمون بالحرم على من قال تعليم الكنيسة الجامعة في مجمع أفسس! لمجاملة البطريرك؛الذي يردد كلام نسطور الذي وقع عليه حرمانًا بحصر اللفظ (راجع مجلد المجامع في مجموعة آباء ما بعد نيقية) فمن هو المحروم قانويًا كنسيًا من فم الكنيسة الجامعة ومجمع أفسس؟! هل هو من ردد تعليم نسطور الذي حرمه مجمع أفسس؛ أم هو جورج حبيب الذي دافع عن إيمان الكنيسة؟! و هل تنفيذ البابا الحالي لحكم المحكمة المدنية؛ كان مجاملة! أم إنقاذ لمجمعه من حرم مجمع أفسس من ناحية؛ ومن مواجهة القضاء والقانون المدني من ناحية أخرى؟ يتبقى السؤال: ما هو موقف الأساقفة كاذبي الاسم وأذيالهم اللذين اِعترضوا على رفع الحرم عن د. جورج حبيب؛ في مواجهة حرمانات مجمع أفسس من ناحية؛ ثم الاِعتراض على أحكام القضاء المصري من ناحية أخرى؟!
لم يكن ذبح دكتور جورج حبيب الأدبي والمعنوي هو الضحية الوحيدة في سلخانة جلاد الكنيسة! ولا هو الحالة الوحيدة بل عشرات الأمثلة؛ خذوا مثالاً أخيرًا: أين هي وثيقة المحاكمة التي جرت لي أنا؟ وأين هي عريضة الاتهام الموجهة ضدي؟! حتى يعرف الجميع أن خروجي من السلخانة لم يكن هروبا بل نجاة؛ حتى أستطيع أن أرفع صوتي يومًا بالشهادة للحق والدفاع عن لاهوت الآباء؛ وأيضًا عن الذين ذبحهم جلاد الكنيسة غير المقدس!
إذا كان الجميع قد اختاروا طريق المجاملة والتواطؤ مع الظلم؛ فقد فقدوا جميعًا صفة "مفصلين كلمة الحق باستقامة؛ وهم عتيدين أن يعطوا حسابًا أمام الذي سيدين الأحياء والأموات؛ أما الخونة الذين يحاولون ملء مكيال أبيهم الشرير؛ فدينونتهم حاضرة؛ وسيوقفوا عند حدهم!