على الرغم من أنه حق واضح في العهد الجديد؛ إلا أنه بسبب الضعف الروحي في حياة المؤمنين؛ صار التعليم عن إستعلان أبناء الله؛ أمرًا مستغربا أو غير مفهوم! لكن هذه هي تعبيرات وكلمات الرسول بولس المباشرة والواضحة في (رو ١٩/٨) "أن إنتظار الخليقة يتوقع إستعلان أبناء الله" فما هو إستعلان أبناء الله؟ ألسنا نحن أبناء الله! "وبما أنكم أبناء أرسل روح إبنه إلي قلوبكم صارخا يا أبا الآب"؛
واحدة من الحقائق الأساسية في دراسة العهد الجديد أن فعل "خلص" لم يرد ولا مرة في الماضي البسيط أو التام طبقا للنص اليوناني؛ ولكنه دائما في الpresent perfect tense وهذا معناه ببساطة أن فعل الخلاص لم ينتهي بعد لكنه حدث بالفعل وهو مستمر في الحدوث؛ ولهذا فالرسول بولس نفسه الذي أخبرنا "بما أنكم أبناء" هو الذي يؤكد في (رو٨) أننا بالرجاء خلصنا؛ وأن الحالة الكاملة لأبناء الله التي حصلنا عليها لم تكمل بعد؛ وأن كمال صورة البنوة سيتحقق لنا من خلال إستعلان أبناء الله!
فما هو الفارق بين صورة "بما أنكم أبناء أرسل روح إبنه إلي قلوبكم" وبين نضج هذه الصورة وإكتمالها في "إستعلان أبناء الله"؟
الفارق مشروح في ( يو ٢٣/١٤) "إن أحبني أحد يحفظ كلامي و يحبه أبي و إليه نأتي وعنده نصنع منزلًا" إذن فالروح القدس يأتي أولا ليقدسنا بتقديس الروح للطاعة؛ ومتي كملت هذه الطاعة بعلامة المحبة الكامله حينئذ نؤهل لنعمة أن يعلن إبن الله نفسه لنا "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني؛ والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وله أُظهر ذاتي" (يو٢١/١٤) ثم من خلال إعلان الابن لنفسه لنا مع الثبوت في المحبة المبرهنة بإحتمال الصليب من أجله؛ ننتقل بنعمة الإعلان والمحبة إلى نعمة الاتحاد والسكني "إليه نأتي الآب وأنا وعنده نصنع منزلا" فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ؛ هؤلاء هم باكورة الغالبين الذين يستعلن فيهم المسيح بمجده؛ وهؤلاء الذين سيدين بهم المسيح إبليس وملائكته ويدين بهم العالم؛ هم باكورة الكنيسة الذين تئن الخليقة العاقلة وتتمخض حتي الآن وحتي ساعة إستعلان أبناء الله الغالبين هؤلاء؛ الذين سيعلن بهم المسيح مجده للعالم؛ وسيكمل بهم الحمل دينونة الوحش وطرحه في بحيرة النار؛ التي هي لهيب المحبة المكملة بين المسيح والكنيسة التي بها يدان ويحترق الشرير؛ "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبي في عرشه"(رؤ ٢١/٣).