"المؤمن محميٌّ! ولا يستطيع الشيطان أن يقترب إليه"؛ صحيح أن المزمور التسعون يقول: يرسل ملائكته لكي يحفظوك فلا تدنو ضربة من مسكنك؛ ولكن فاتهم أن رأس المزمور هو "الساكن في ستر العلي" أي أن هذه الوعود هي للمؤمن الساكن في ستر العلي؛ وليس لمجرد أنه مؤمنًا!
يحدث كثيرًا أن تتسبب القيادة المسرعة أو الإهمال في صيانة السيارة أو غير ذلك في حوادث الطرق الكثيرة وإصاباتها؛ ومن ثم يأتي المؤمن المصاب بعد الحادثة إلى الكنيسة غاضبًا من الله! ثائرًا! لماذا لم ينجيني الله من الحادثة؟ ويحافظ على سيارتي؟! ألست أنا ابنه؟ طبعًا هذا كله ثمرة وعاظ المسيحية الورديه؛ وخلط الإيمان بالأماني وبالخرافة؛ وأن الناس لا ترى أو لا تريد أن ترى حقيقة إيمانها؛ بل كل "واحد عاجبه عقله" ويرى أنه فاضلاً وقديسًا وقد قصر الله في حقه!
والحقيقة هي أننا نولد من أبوين ملوثين كغيرهما بميراث الطبيعة الإنسانية غير النقية؛ ونتربى في كنفهما، وفي المجتمع، وأيضًا ميديا مشبعة بكل أشكال الشرور والتأثيرات الشيطانية؛ التي نتشبع نحن أيضًا بها ونكبر وتكبر فينا؛ حتى نجد أن الشر والجراح والاشتهاء والخوف ومحبة العالم .. إلخ قد صارت داخلنا ومتغلغلة في نسيج إنسانيتنا؛ وهذا هو السبب الذي يجعلنا نفعل ونقول؛ ما نخجل من أنفسنا بعده؛ أننا قلنا أو فعلنا!
وقصارى القول هو: إذا أردت أن لا يكون للشيطان وشروره سلطان عليك؛ فالطريق ليس هو رفع الشعارات والأوهام؛ ولكنه يبدأ من التحرر من سلطانه وتسلطه عليك؛ على فكرك وقلبك وجسدك؛ وهذا غير متاح إلا بنوال الطبيعة الجديدة التي يهبها المسيح الذي غلبه؛ للذين يقبلوه بالإيمان ويعيشون في طاعته ومحبته.
ولكن ماذا عن المؤمن الذي شاخ وضعف ووهن ولم يعد يفعل شيئًا ولا شرًا؛ ولكنه يشكو من تذكر ذكريات الحياة من شبابها إلى شيبها؛ وهي مليئة بكل ما هو مؤلم وجارح ومحزن!
فكل ما هو سلبي ومحزن وجارح؛ هو بلا شك من أعمال إبليس الذي كان متغلغلاً في كل نواحي الحياة وأيضًا في الناس من حولنا؛ وأيضًا فينا!
جاء الوقت للشخوص في النور الأبدي والاستغراق فيه؛ فالنور يغسل ويمحو كل ما هو من الظلمة والجراح؛ فيحل النور محل الظلمة وتمتلئ النفس من الحياة الابدية بدلاً من الموت الذي علق بها طوال الرحلة.