الفهم غير المدقق لعبارة الرسول بولس "كل الكتاب موحي به من الله" تحرم الكثيرين من إستنارة فهم الفارق الكبير بين لاهوت العهد الجديد ولاهوت العهد القديم؛ فليس معني تصديق الرب وتلاميذه على وحي العهد القديم والاقتباس منه؛ أن وحي القديم هو بمستوى وحي الجديد لأن وحي الجديد هو المسيح الكلمة المتجسد نفسه؛ أو أنهما ليسا عهدين مختلفين تماما وليسا عهد واحد؛ حتي و إن ضمهما كتاب في مجلد واحد.
فما هي أسباب هذا إلاختلاف والتباين بين لاهوت العهدين؛ مع أن الله واحد الذي أوحي بالقديم؛ ثم أُظهر نفسه بإبنه متجسدًا في الجديد؟
أولا: "أن الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد" (يو٧ / ٣٩) وأنه ولا واحد من الأنبياء رأي الله؛ ولا حتي سمع صوته! ( يو ١: ١٨، ٥: ٣٧) وأنهم أخذوا الناموس بترتيب ملائكه ( أع٧ / ٥٣) لذلك يعبر عن هذا في القديم بعبارة يحل عليه روح الرب؛ وأما في الجديد فيقول: أنتم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؛ وأن جسدكم هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله.
ثانيا: أن وحي العهد القديم صار بترتيب ملائكة إلى بشر لم يروا الله ولا سمعوا صوته (يو٣٧/٥) بينما وحي العهد الجديد هو المسيح نفسه؛ ظهور الله بإبنه الكلمة الأزلي متجسدا؛ فوحي الجديد هو المسيح نفسه؛ وليس هو الأناجيل المكتوبة كما يردد المتأثرين بالثقافة الإسلامية.
ثالثا: أساس العهد القديم هو الإيمان بالله الواحد والالتزام بأحكام الشريعة (الناموس) بينما إيمان العهد الجديد فيتأسس على المسيح الذي هو إبن الله الذي حمل وأبطل خطايانا بذبيحة نفسه، فالله الواحد قد ظهر في الجسد وأعطانا إبنه لكي نحيا به (١يو٩/٤)
رابعًا: عهد الله في القديم هو أنه قد أعطى الشريعة للإنسان لكي كل من يعملها يحيا بها (لا٥/١٨)
أما عطية الله في العهد الجديد فهي الروح القدس (يو ٤) مع طبيعة المسيح الجديدة الغالبة للموت (رو٦)
خامسا: الخلاص في العهد القديم هو: "خلاص من أعدائنا ومن أيدي جميع مبغضينا" (لو ٧١/١) أما الخلاص في العهد الجديد فهو الاتحاد بالمسيح وبه ننال الحياة الأبدية التي هي حياته
العهد القديم أُعطي لبشرية: "جالسين في الظلمة وظلال الموت" بينما كل الذين قبلوه في الجديد أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله
سادسا: الدينونة والمكافأة في القديم أساسها الشريعة (الناموس) ومن ثم توقيع العقوبة القاسية (النار الأبدية) أما في العهد الجديد فالدينونة هي : أن النور الحقيقي (المسيح) قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور؛ فمن قبل المسيح النور الحقيقي وإتحد به فهو في الحياة الأبدية؛ ومن رفضه ولَم يقبله يبقي في الموت والظلمة وقبضة إبليس وهذه هي الدينونة؛ والأبدية التعيسة،
هذه مجرد أمثلة للمقارنة والفهم للإنتقال والتحول من لاهوت العصور الوسطى المؤسس على القديم مع إضافه الإيمان بأن المسيح قد جاء فعليا !
إلى لاهوت العهد الجديد الذي سلمه لنا الآباء؛ المؤسس على المسيح صخر الدهور وعلى الاتحاد به بروحه القدس وإستلام طبيعة الحياة الجديدة التي بها نغلب الخطية والعالم.