ظلت عبارة الرسول بولس المباركة في (رو ٩/١٠) "لأنك إن إعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" رهينة لفهم الوعاظ والسامعين لمعني "الإيمان بالقلب" كل حسب ثقافته وتصوره!
فالبعض يفهم القلب بمعني العواطف والمشاعر والإحساس؛ بينما يري آخرون أن إيمان القلب يعني التصديق الواثق اليقيني؛ أو الاستحسان أو الإعجاب .. إلخ؛ بينما لا تعبر في الحقيقة أي من المعاني السالفة عن المعنى الاصطلاحي لكلمة القلب في العهد الجديد؛ التي تعني ببساطة: إتجاه الإرادة بالحب؛ وهذا هو الفارق الحاسم بين الإيمان والتصديق الميت؛ الذي لا يخلص! وإيمان القلب الذي هو إختيار واع بحرية الإرادة يؤهلها لإنسكاب محبة الله لتملأ إرادة الإنسان وتتحد بها؛ وهذا هو الإيمان الذي يخلص؛ ولهذا فالإيمان بالمسيح الذي يخلص لا يمكن يتحقق بدون عمل الروح القدس "لأنه ليس أحد يقدر أحد أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" (١كو ٣/١٢)
ومن ثم فإن الحب (بقلبك) ينسكب في قلب الإنسان أي إرادته ومسرته بالروح القدس:
"لأن محبة الله قد إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا" (رو ٥/٥)
فإتجاه الإرادة بالاختيار الحر لقبول الابن المتجسد يعد الإنسان ويؤهله لعمل الروح القدس فيه بإعلان الابن له وإنسكاب محبه الله فيه وهذا هو ما يوحده بالمسيح؛ فيخلص به لأن تعريف الخلاص عند الآباء هو الاتحاد بالمسيح؛ وهذا هو معني إيمان القلب الذي يؤول إلى الخلاص بالمسيح.