الفكرة الأساسية التي تمحور حولها فهم آباء الكنيسة في فهم سفر الرؤيا؛ هي معركة الكنيسة مع ضد المسيح والغلبة عليه بسلطان دم الحمل؛ وهذا ما سيؤهلها لمجد إستقبال مجيئه؛ أما عن الضيقة العظيمة فهي إضطهاد ضد المسيح للكنيسة؛ وأن إجتيازها لهذه الضيقة العظيمة فهو لتحقيق الغلبة على الشرير ودينونته من ناحية؛ وتنقيتها بالضيق والألم من ناحية أخري؛ أما فكره هروب الكنيسة من المواجهة مع ضد المسيح بالاختطاف المبكر التي نادى بها جون دربي في أواخر القرن التاسع عشر في بلايموث بإنجلترا؛ فلم يسمع بها أحد من قبل ولا أثر لها في كل كتابات الأباء والكنيسة قبل جون دربي!
وبنفس الاسلوب في خلط الحقائق في الاستشهاد بكلام القديس إيريناوس عن الملك الألفي أنه تأييد لتعليم دربي عن الملك الالفي وهذا غير صحيح فلم يقل إيريناوس أبدا بأن المسيح سيحكم ويملك من أورشليم! كذلك إستشهدوا بإقتباس من الديداكي يتحدث عن السهر والاستعداد لإختطاف الأحياء؛ وهو متسق مع كلام الرسول بولس "لا نرقد كلنا ولكن كلنا نتغير ونخطف لملاقاة الرب في الهواء؛ ولا يوجد أي ذكر لإختطافين أبدا!!
لكن لماذا لا نرى أي إتساق لنظرية دربي عن الإختطاف مع العهد الجديد؟
لأن الإختطاف لن يحدث بدون التغير من صورة الأرضي إلى صورة السماوي؛ لأن هذا الفاسد لا يرث عدم فساد وهذا المائت لا يرث عدم موت (١كو ١٥: ٤٤-٥٣)
ثم أن هذا التغير لا يمكن أن يحدث بدون ظهور المسيح في مجده! (١يو ٣: ٢)
أما الحقيقة الأهم التي غابت عن دربي وتلاميذه؛ أن المسيح دخل بجسده الآن إلى كل مجده الذي لا يمكننا تصوره ولا نعرف ما هو ولكننا نعرف أنه له المجد لما تجلي على جبل التجلي وكانوا في منتصف النهار حتي إقترح لهم بطرس ثلاث مظال؛ فقد وصف بهاء وجهه بأنه "كالشمس" (مت٢/١٧)
فماذا عن ظهوره في مجده بجسده الممجد الذي سيغير الأحياء ويقيم الراقدين؛ كيف يكون هذا خفيا ولا تراه كل عين؟!
ومن ثم فإن فكرة ظهوره المتخفي وهو في صورة المجد؛ مستحيلة وغير متسقه مع إعلان العهد الجديد!
وبدون إستعلان هذا المجد فلا تغيير وبالتالي فلا إختطاف! أما ظهوره في الرؤي والأحلام فلا يغير إلى صورة جسد مجده "ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا لنكون على صورة مجده بحسب قدرة عمل إستطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (في٢١/٣)
لهذا إعتقدت الكنيسة بظهور ومجئ واحد للمسيح الممجد؛ يقيم الأموات ويغير الأحياء ويخطفهم معا إلى السماء وأيضا يدين العالم.