لا أمتلكُ مشاعرَ الكراهيةِ والعدائيةِ التي يمتلكها كثيرونَ منا نحو إسرائيلَ واليهود، ولا أنظرُ بأيِّ شكلٍ من أشكالِ التأييدِ أو التعاطفِ مع إخوانِ حماس. ومع ذلك، تهلَّلَ قلبي فرحًا مع هتافاتِ الفلسطينيينَ العائدينَ إلى بيوتهم رغمَ حزني الدفينِ على الأطفالِ والضحايا، وبنفسِ القدرِ فرحتُ فرحَ عائلاتِ وأطفالِ الرهائنِ الإسرائيليينَ العائدينَ إلى أسرهم وأطفالهم.
في الشهورِ الفائتةِ، كان الرئيسُ الأمريكيُّ يسيرُ على خطى السياسةِ الأمريكية: التعاطفُ مع إسرائيلَ وتأييدُها. ومن ثمَّ، فقد كان قد وعدَ أرملةَ المليارديرِ اليهوديِّ شيلدون أديلسون ـ التي تبرعت بمئةِ مليونِ دولارٍ لحملتهِ الانتخابيةِ ـ بأن يسعى إلى توسيعِ حدودِ إسرائيل. ولأنه، طبقًا لقواعدِ السياسةِ الأمريكيةِ، كان مُصْغِيَ السمعِ لرئيسِ الوزراءِ الإسرائيلي، فقد مارسَ الكثيرَ من الضغوطِ على مصرَ والرئيسِ السيسي من أجلِ تهجيرِ الفلسطينيينَ إلى سيناءِ المصرية، وتعقدت العلاقاتُ والأمورُ بين مصرَ وأمريكا أمامَ إصرارِ الرئيسِ السيسي وصمودِ المصريينَ في رفضِ تهجيرِ الفلسطينيينَ وتصفيةِ القضيةِ الفلسطينية.
لعلنا جميعًا نذكرُ ما حدثَ في قاعةِ الأممِ المتحدةِ في الأمسِ القريب، حينما وقفَ رئيسُ الوزراءِ الإسرائيليُّ يلقي كلمةَ إسرائيلَ في الأممِ المتحدة، فخرجت جميعُ وفودِ الدولِ من القاعة، تاركةً رئيسَ الوزراءِ بنيامين نتنياهو يتحدثُ إلى الصحفيين ووفدي أمريكا وإسرائيلَ وحدهما. ولم تكن هذه هي الإشارةَ الوحيدةَ إلى المتغيراتِ التي تحدثُ في العالمِ وفي الساحةِ الأمريكية، فقد سبقها اغتيالُ الناشطِ الجمهوريِّ المقربِ جدًا للرئيسِ ترامب، تشارلي كيرك؛ لكي يتضحَ للرئيسِ الأمريكيِّ مبلغُ العدوانيةِ التي انتهجتها إسرائيل، والتي أثمرت عزلةً شعبيةً أمريكيةً وأوروبيةً ودوليةً تركت إسرائيلَ والحكومةَ الأمريكيةَ التي تؤيدها في موقفٍ لا يُحسدون عليه. ومن هنا كانت نقطةُ التحول، وقال الرئيسُ الأمريكيُّ لرئيسِ الوزراءِ الإسرائيليِّ: لا تستطيعُ أن تقفَ في وجهِ العالمِ كله!.
ليس لأنني أحبُّ الرئيسَ السيسي، ولكن لأنَّ هذا هو الواقعُ الذي سيرويه التاريخُ من بعدُ: حينما أعطى الرئيسُ ترامب أذنَه لإسرائيلَ استمرَّ القتلُ والدمارُ وساءت علاقتُه مع دولِ منطقةِ الشرقِ الأوسط؛ ولكنَّه حينما أصغى بحكمةٍ لرئيسِ مصرَ بدلًا من رئيسِ وزراءِ إسرائيلَ، كانت النتيجةُ عودةُ الأسرى الإسرائيليينَ إلى بيوتهم، وعودةُ السلامِ إلى غزةَ والأمانِ لأهلها، ثم أهداه الرئيسُ السيسي ما يحبُّ أن يراه: هذا المؤتمرُ العالميُّ الضخمُ للسلام.
"طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ." (مت 5: 9).
بنسلفانيا – أمريكا
١٣ أكتوبر ٢٠٢٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath