خبرة الحياة العملية تلزمنا أن لا نقيم شخصا ما؛ بناءً علي قدر معرفتنا بل علي مقدار معرفته هو! وأظن أن هذا عدل ومحبة أيضاً؛ وهذه المقدمة في الحقيقة قصدت بها أن أواجه هذه المرة بطريقة علاجية موقف خدامًا يعلمون في كنيسة العهد الجديد؛ ما هو مؤسس علي مفاهيم العهد القديم بدعوي أن كل الكتاب المقدس وحدة واحده وكله موحي به من الله؛ وعلي الرغم من صحة هذا الكلام إلا أن الجديد هو (الكمال) تكميل للقديم؛ وليس مجرد إمتداد له كما يتصورون! وأن الله لم يره أحد قط ولا سمع صوته في القديم (يو ٣٧:٥) ولكن الابن الوحيد المتجسد هو وحده من رآه وأخبرنا الحق عنه.
وليس من العدل أن ألومهم أو أحكم عليهم أو أسفة أطروحاتهم كما يفعلون؛ فالقاعدة أن نقيم أدائهم علي قدر ما يعلمون؛ لا علي قدر ما نعرف نحن؛ ولكن المشكلة معهم هي أنهم يصرون ويعلمون بمحدودية ما يعرفون كأنه الحق المطلق وهذا أيضا نتاج طبيعي لنقص المعرفة "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" وبالتالي فلا مجال للحوار! ولكن التصويب يقدم لمن يبغي المعرفة من جمهور المتلقين.
والتصويب يبدأ من إدراك أن المسيح هو الشاهد الوحيد الذي رأي وخبر عن الآب؛ وأن التجسد هو عهد جديد بديل لعهد الناموس وليس إمتدادا له وهذا هو معني التكميل؛ "لأنه لو كان بالناموس بر فالمسيح مات بلا سبب"!
ومن ثم ينبغي إعادة صياغة المفاهيم بناء علي كلام المسيح نفسه لا بناء علي نصوص العهد القديم الذي ظل الله فيه محتجباً عن الأنبياء أنفسهم وكل البشرية (أش١٥:٤٥).
و القضية التي تعثروا فيها هنا؛ علي سبيل المثال هي موضوع الدينونة؛ وكلمة الدينونة ببساطة مشتقة من الفعل دان أو حكم؛ وطبقًا للعهد القديم فإن أساس الحكم أو الدينونة هو الشريعة أي الناموس أو القانون الذي يقتضي بالحتم العقوبة وإلا لما صار القانون بعد قانونا ذو قوة حاكمة وضابطة للعدالة والسلوك الإنساني.
تعريف الدينونة ؛ وقاعدة تطبيق ومعيار الدينونة في العهد الجديد ليس هو الناموس؛ لأننا لسنا بعد تحت الناموس؛ ولكنه المسيح الكلمة المتجسد! والإجابة والشرح موجود نصًا وحرفا في العهد الجديد بفم الرب نفسه علي النحو التالي: "وهذه هي الدينونة أن النور (المسيح) قد جاء إلي العالم؛ وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة؛ لأن كل من يعمل السيآت يبغض النور ولا يأتي إلي النور لئلا توبخ أعمالهم" (يو ٣ : ١٩- ٢١).
لم يلغي أحد أو ينكر الدينونة! ولكن إستنارة العهد الجديد تعلن تغير آلية وماهية الدينونة من ناموس العقوبة والموت في القديم؛ إلي إنجيل الحياة (المسيح)؛ والبقاء في الموت نتيجة عدم قبول الحياة (أي المسيح).
ليس عيبًا ولا إهانة أن نتعلم من أخوة لنا سبقونا في المعرفة بحكم السن أو فرص الدراسة التي أتيحت لهم؛ بقدر ما أن الإصرار علي عدم فهم معني العهد الجديد؛ سيكون خطأً جسيمًا!