رأيٌ في الأحداث (٦٢) | هوامش على اتفاقية السلام الشرق أوسطية
Oct 16, 2025 8
980 79

رأيٌ في الأحداث (٦٢) | هوامش على اتفاقية السلام الشرق أوسطية

ما يدور في الشرق الأوسط أمس واليوم هو تكرارٌ لما كان يحدث في الأمس البعيد: خلطٌ للمعتقدات الدينية بالسياسة لتحقيق أهداف ومصالح سياسية وقومية. لكنَّه هذه المرَّة مخصصٌ للشعب اليهودي، الذي استطاع أن يُحوِّل شتاته ورفضه في أنحاء أوروبا إلى سيطرة وتسلط عالمي عبر العالم الجديد - أمريكا. فاليهود هم الذين دفعوا للحكومة البريطانية ثمن وعد بلفور، كما سمعتُ بأذني شهادة جاكوب روتشيلد على التلفزيون الأمريكي، وهم كذلك الذين يُؤثرون في السياسة الأمريكية بقوة. ونقطة التحول التي أنتجت اتفاقية السلام "الترامبية" جاءت نتيجة تحوُّل رأي جماعات الضغط اليهودية في أمريكا من تأييد إسرائيل إلى رفض سياسات نتنياهو الوحشية التي أثارت الرأي العام العالمي ضد إسرائيل.
التاريخ لا يرحم أحدًا، ويُعطي كل واحد في النهاية ما يستحقه. وبعيدًا عن إصدار أحكام على الأشخاص بمجرد تحليل ظاهر الأحداث، فإنني لم أتابع تحليلًا في أمريكا لاتفاقية السلام كان متفائلًا بها؛ فاتفاقية السلام "الترامبية" أعطت لكل طرفٍ ما يستحقه، أو بلغة أخرى كانت اتفاقية كاشفة: كشفت عن حقيقة موقف كل طرف في الصراع. ومن هنا، كانت مصر، والشعب الفلسطيني الأعزل، والرهائن الإسرائيليون الضحايا: هم الفائزون الحقيقيون من وراء اتفاقية السلام، وثمرة لصمودهم في وجه الظلم. أمَّا إسرائيل وحماس فما يزالان يُمثلان طرفي الصراع اللذين لم يُحققا أي انتصارٍ على الآخر، ولم يحدث سلامٌ حقيقيٌ بينهما، بل وما يزال كلاهما يُمارسان أعمال القتل والدمار التي احترفاها.
البعض يتحدث عن انهيار السلام بين إسرائيل وحماس، وهو أمر شبه مؤكَّد. والبعض يتحدث عن حربٍ عالمية وعن معركة "هرمجدون" التي ذُكرت في العهد الجديد في سفر الرؤيا؛ وبما أنها نُقلت عن العهد الجديد، فمن واجبي أن أوضِّح حقيقة هرمجدون: إن سفر الرؤيا سفرٌ رمزيٌّ شعريٌّ رؤيويٌّ، وقد اتخذ من التاريخ والموروثات اليهودية أدوات للترميز في إنبائه وتحليله للأحداث، ومنها المواقع الحربية الكبيرة التي حدثت في جبل هرمجدون. وهذا معناه أنه لن تكون هناك هرمجدون حقيقية جديدة على الأرض، بل ستكون هناك - حسب الخطة الموضوعة - الاتفاقيات الإبراهيمية التي ستُكرِّر فيها إسرائيل فكرة الهيمنة الاقتصادية - التي تحقَّقت في أمريكا - على بلاد الشرق الأوسط بما في ذلك إيران! وماذا عن مصر المأزومة اقتصاديًا، القوية عسكريًا؟ تجنُّب الصدام العسكري وتقديم العروض والتسهيلات الاقتصادية.
السفير الأمريكي "هاكابي" خاطب الإسرائيليين باسم المسيحية قائلًا: "لو لم تكونوا أنتم لما كنا نحن." وهذا هو بيت القصيد في المغالطة الصهيونية: فمن يدرس الكتاب المقدس يكتشف أن إكرام الرب ووعوده صارت لنسل إبراهيم - اليهود والعرب - بسبب إيمان إبراهيم وصلاحه، وأن مجيء المسيح من نسله - أي إبراهيم - لا امتياز فيه لشعب اليهود الذي وُلد بينهم ولم يقبلوه وصلبوه!
فهل ستعود الحرب مرة أخرى؟ إذا عادت الحرب - وهذا احتمال كبير - فستكون بين إسرائيل وحماس التي خرقت اتفاقية السلام ولم تُلقِ سلاحها، بدون أي انخراط مصري أو عربي أو تأييد عالمي.
وهذا مجرد رأيٌ في الأحداث.

بنسلفانيا – أمريكا
١٦ أكتوبر ٢٠٢٥

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV