مِن خلال دراستي للكتابِ المُقدَّس في عهدهِ القديم عن "شريعةِ ذَبيحةِ البقرةِ الحمراء"، جاء في النص: "هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ قَائِلًا: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا إِلَيْكَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ صَحِيحَةً لاَ عَيْبَ فِيهَا، وَلَمْ يَعْلُ عَلَيْهَا نِيرٌ،... وَيَأْخُذُ أَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِهَا إِلَى جِهَةِ وَجْهِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ سَبْعَ مَرَّاتٍ." (عد 19: 2-4). فمِن الواضح، كما فهمتُ، أن استعادةَ ذبيحةِ البقرةِ الحمراء وتقديمَها في عيدِ الفصحِ الفائت يعني أن الهيكلَ اليهوديَّ الثالث قد اكتمل بناؤه في موضعٍ آخر غير مكانه التاريخي المُلاصِق للمسجد الأقصى، وأن إجراءات تدشينه قد تمّت طبقًا للشريعة التوراتية بدم ذبيحة البقرة الحمراء.
وطبقًا للأخبار المتواترة عن البثِّ التلفزيونيِّ للجاليةِ اليهوديةِ في نيويورك، فإنَّ ظهورَ المسيحِ اليهوديِّ، الذي سيكون ملكًا لإسرائيل، قد حان وقت تتويجه: ليُعيد بناء الهيكل (وقد بُنِي بالفعل)، ويُحقق نبوءة إسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات"، ويقيم الحكم بشريعة التوراة. (بعض المصادر كشفت عن اسم المسيح اليهودي، وقالت إنه ينتمي إلى عائلة روتشيلد اليهودية العريقة، الأغنى في العالم).
كان من الممكن أن ننظر إلى الأمر على أنه احتفالُ أبناءِ عمومتِنا (الشعب اليهودي) بتتويج مسيحهم، وأن هذا أمرٌ يخصهم، ومن واجبنا أن نهنئهم على احتفالهم بمسيحهم؛ إلا أن الأمر يختلط بحساباتٍ مهمة وخطيرة:
فهل نتوقع صدامًا مُسلحًا بين إسرائيل ومصر، أم اختراقًا ناعمًا من إسرائيل لمصر؛ لتحقيق حلم "إسرائيل الكبرى"؟ الصدامُ المُسلحُ هو شأنُ القوات المسلحة، أما الاختراقُ الأيديولوجي الناعم الذي يُمكن أن يُحدث فتنةٍ بين مسيحيي ومسلمي مصر، فهو أمرٌ ثقافيٌّ قوميٌّ، يخصُّ كلَّ المصريين، ويخصنا أن ننتبه إليه، وأن ندافع عن وحدة وسلامة مصر: أرض أجدادنا وأهلنا وشعبنا.
الفخُّ الذي لم يتوقعه أحد، ولم يُحسب له حساب، هو الذهاب إلى تحالفٍ بين إسرائيل والمُسلمين (دول الشرق الأوسط الإسلامية بعد تحييد إيران؛ لتنضم هي أيضًا إلى التحالف)، الأمر الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الأمريكي تحت عنوان "أبناء إبراهيم" أو "الديانات الإبراهيمية". بعضُ ممالك المُسلمين بأسمائها المعروفة تهلل وترحب بهذا التحالف، بناءً على الاعتراف بدولة فلسطينية (التي ستكون جزءًا من الاتحاد الفيدرالي الإسرائيلي). فهل هذا التحالف بين إسرائيل والمُسلمين سيكون لصالح المسلمين المصريين، أم سيكون أداةً لتقسيم مصر واختراقها بفتنةٍ بين المسلمين والمسيحيين بديلًا للصدام العسكري الصعب؟!
كنتُ أرى الأحداث على بُعد الزمن، ورفعتُ صوتي مطالبًا بعقدِ تأخٍ بين المسيحية والإسلام في مصر، من أجل حماية وحدة مصر وجبهتها الداخلية، الأمر الذي نُظر إليه بكثيرٍ من الشكِّ والريبة، واللامبالاة! الآن، إسرائيل تخترقُ المُسلمين المصريين أنفسهم الذين يُهللون بتحالف اليهود مع المسلمين، ويرونه نصرةً للإسلام، خصوصًا أن هذا التحالف ممزوجٌ بالتعاون الاقتصادي: سواء أكان نهبَ تريليوناتِ دولاراتِ دول البترول، أو بمليارات الدولارات التي ستتدفق من أمريكيين عبر إسرائيل إلى تحالف المنطقة الجديد.
أما إذا أضفنا إلى التحالف الجديد بين إسرائيل ومُسلمي الشرق الأوسط وثيقةَ التأخي بين اليهودية والمسيحية في بداية تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، التي أسفرت عن جعل المسيحية الصهيونية هي الصبغة المُهيمنة على عقول المسيحيين والساسة الأمريكيين، فسنستنتج بسهولة إلى أين تذهب خطة إسرائيل وملكها المسيح الجديد.
فهل تكونُ مُبادرتي للتآخي بين المسيحيين والمُسلمين المصريين دِرعَ أمانٍ لمصرَ في مواجهةِ تحالفاتِ إسرائيل التي تُخطِّطُ للتوسُّعِ والهيمنة، أم أنَّ مُبادرتي تهدفُ إلى التوسُّعِ التبشيري (في عصر السماوات المفتوحة) كما يتصوَّرُ أصحابُ الرؤيةِ والنظرِ المحدودَين؟!
نحن على مفترقِ التاريخِ والأحداث، ولا أظنُّ أن ما أقولُهُ هو معلوماتٌ جديدةٌ أو غيرُ معروفةٍ لأصحابِ المسؤوليةِ والقرار، ولكنني أؤدي واجبي وأمانتي نحو الله والتاريخ والوطن.
بنسلفانيا – أمريكا
٢٤ يونيو ۲۰۲٥
لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي: