رأيٌ في الأحداث (۲) | خراب أورشليم
Mar 03, 2025 56
980 79

رأيٌ في الأحداث (۲) | خراب أورشليم

الحكماء هم الذين يستطيعون أن يفهموا مغزى الأحداث، ومن ثَمَّ يتوقعون نتائجها، وبالتالي يستعدون لمواجهة نتائج الأحداث، وسُبل التعامل معها والنجاة من مخاطرها.
أما الحمقى فهم الذين: يعرفون أن يميزوا وجه السماء، وأما علامات الأزمنة فلا يستطيعون (مت 16: 3)، ومن ثَمَّ فإن الأحداث تباغتهم كالمخاض للحبلى فلا ينجون (1 تس 5: 3).

كانت أرض إسرائيل ويهوذا تحت الاستعمار الروماني وكان هذا هو الوضع السياسي في أيام المسيح، وكانت الرغبة اليهودية الشعبية الجامحة في الخروج من تحت الاستعمار الروماني، واستعادة مملكة إسرائيل المستقلة: إما بظهور المسيا الذي يُعيد المُلك إلى إسرائيل، أو بالحركات الثورية الدينية المسلحة؛ وهذا هو ما حدث في عام 70م بقيادة حركة الغيورين مع فرق يهودية أخرى؛ إذ قاد الغيورون تمردًا على الاحتلال الروماني أدى إلى إرسال الإمبراطور هرقل بجيش جرار بقيادة القائد تيطس (الذي صار فيمَا بَعْد الإمبراطور الروماني)؛ الذي حاصر أورشليم إلى حد المجاعة؛ التي جعلت المحاصرين يأكلون جثث الموتى، وجعلت الجائعين يقتحمون البيوت يخطفون الطعام حتى من الأفواه..!!

الجماعات المسيحية التي كانت قد تكونت في أورشليم بعد صعود الرب وبشارة التلاميذ، كانت واعية لتحذير الرب: بأن أورشليم سيحاصرها أعدائها ويهدمونها وبنيها فيها، وأن عليهم أن يهربوا من أورشليم إلى الجبال: وهذا ما حدث أن الجماعات المسيحية تنبهوا أن هذا هو وقت تحقيق نبوءة خراب أورشليم، وخرجوا جميعًا من أورشليم قبل أن تحكم قوات تيطس الحصار عليها؛ فلم يهلَك في حصار أورشليم مسيحي واحد؛ بسبب هروبهم إلى القرى الجبلية خارج أورشليم.

أما تيطس فقد أقتحم المدينة وهدم الهيكل وحرثه بالمحاريث، وأخذ خيرة الشباب أسرى؛ ليعملوا كعبيد في مناجم الفحم في روما، كما أسر أيضًا وجهاء القوم؛ ليسيروا مغللين في موكب النصر في روما، وترك فقراء الأرض والصغار والنساء.

في سنة 132م جدد شمعون بار كوخبا التصعيد والتمرد الثالث والأخير في الحروب اليهودية الرومانية حتى سنة 136م، التي انتهت بقتله واستعباد باقي المتمردين اليهود الذين بقوا بعد وفاته في خلال السنة التالية.
انتهت ثورة بار كوخبا وهي أخر الحروب اليهودية الرومانية بانتهاء كل ما كان موجودًا تاريخيًا باِسم مملكة يهوذا أو إسرائيل والسامرة، وصارت هذه البقعة من الأرض تعرف لاحقًا باِسم أرض فلسطين: حتى أن جولدا مائير نفسها صرحت بأنها كانت تحمل جواز سفر فلسطينيًا...!

بنسلفانيا – أمريكا
۳ مارس ۲۰۲٥

لمتابعة المقالات السابقة من سلسلة مقالات "رأيٌ في الأحداث" اضغط على الرابط التالي:
https://anbamaximus.org/articles/Ra2yFeElahdath

Powered By GSTV