كانت مصر قد هوت إلي أسوأ درجات الانحطاط الحضاري و الثقافي علي أيدي المماليك؛ وعاني المسيحيون المصريون من هذا الانحطاط؛ تميزا بغيضا بين المسلمين والمسيحيين؛ حتي تولي محمد علي الكبير الحكم؛ وتخلص من المماليك بمذبحة القلعة المشهورة وبدأ بتنمية مصر ومواردها؛ ولكن محمد علي كانت له إبنة مريضة بروح شرير؛ إسمها زهرة وكانت زهرة المريضة مصدر إزعاج لأبيها؛ ثم وجد من ينصح الوالي محمد علي؛ بأن أساقفة المسيحيين رجال الله أتقياء وأن عندهم مواهب وسلطان لشفاء المرضي والمقيدين بالارواح الشريرة .
فأرسل محمد علي للبطريرك القبطي يطلب منه أن يأتي ليشفي له إبنته؛ الذي أرسل بدوره إلي الانبا يوحنا أسقف المنوفية( وليس الانبا صرابامون أبو طرحة ) لكي يأتي ويصلي من أجل شفاء زهرة إبنة محمد علي؛ ولما شفيت زهرة من الروح الشرير؛ سأل محمد علي الانبا يوحنا : ماذا يطلب مقابل شفاء زهرة! فأجابة الأنبا يوحنا : أطلب أن تصدر فرمانا بالمساواة في الوظائف بين المسيحيين والمسلمين؛ فأجابه محمد علي؛ علي طلبه وكانت بداية التحول في تاريخ مصر الحديث؛ للمساواة بين المسيحيين والمسلمين .
لم تكن هذه أول ولا آخر قصص الاساقفة الاتقياء مع حكام مصر؛ بل كانت هناك قربانة الحمل التي القاها البطريرك بطرس الجاولي بعد القداس في نهر النيل ليرتفع منسوب النيل علي مرأي من الجميع حتي آخر حده! وكانت هناك معجزة نقل جبل المقطم في أيام المعز لدين الله الفاطمي ؛ ثم كانت معجزة شفاء الرئيس عبد الناصر بصلوات البابا كيرلس السادس؛ وبناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية علي نفقة الدولة؛ وهكذا كانت تسير الكنيسة بمجد وقوة وتغير التاريخ والاحداث بقوة المحبة وشفاعة الروح القدس ومعجزاته؛
ليس إفتئاتا علي أحد والتاريخ شاهد علي الاحداث: أن أكبر عدد من الاحداث الطائفية ( حوالي ٢٤٠ حادثة تقريبا) شهدتها كنيسة مصر في عصرها الحديث ؛لم تحدث إلا بعد أن رحل البابا كيرلس السادس ورحلت معه كنيسة المعجزات التي صمدت بسلطان المحبة في وجه الظلم والاضطهاد؛ وحل محلها الفقر والعوز إلي القوة الروحية؛ ليحل محلها الصراع الطائفي والكراهية والتجيش التقوقعي داخل الكنيسة؛ الذي لم يحقق للكنيسة ولا للجماعة المسيحية مكسباً واحداً بالعدد!
بل كان آخر ضحاياه مع نهاية ذلك العهد هو سحق ٣٠ شاب مسيحي تحت المدرعات! أمام مبني التليفزيون بماسبيروا! أنا غير قادر علي أن أتصور ما هو إحساس أو ما هو ضمير هؤلاء الذين يتعامون عن كم الخسائر والمعاناة التي جلبتها علينا الطائفية البغيضة ومحاولة نسبة مناكافات المتأسلمين الحالية؛ التي قل عددها إلي أقل مستوي خلال ٤٥ سنه الي أدني مستوي؛ إلي مسؤولية الدولة! مع عمي كامل عن كم المكاسب التي حققتها الدولة للمساواة بين المواطنين في الحقبة الحاضرة .
كان رأيي ومايزال ؛ وهذا ما بدأته بنفسي؛ أن الصمت علي الاشرار يزيد الشر ولا يوقفه! بينما المواجهة القانونية الجادة هي الطريق العملي المبرهن لإحداث التغيير!