كان مؤتمر مارمبرج بين لوثر ورفاقه؛ علامة مهمة في تاريخ المسيحية؛ ففي هذا المؤتمر توسط مارتن لوثر قادة حركة الاصلاح كالفن، وزوينجلي، وملانكثون؛ ليناقشوا معاً الإيمان حول سر الشكر (الافخارستيا)؛ وتمسك لوثر بأن الخبز والكأس جسد ودم حقيقي ليسوع المسيح: بينما ذهب رفاقة إلى فكرة الرمزية فيما أضيف إليها لاحقاً عند البعض الإيمان بحضور المسيح في السر المقدس؛ الأمر الذي إنتهي بأول وأكبر إنشقاق في حركة الاصلاح آنذاك.
هذا هو تأريخ ما حدث بهذا الشأن لكن كانت له تداعياته لاحقاً على تعليم الأسرار في كثير من كنائس حركة الإصلاح بالإضافة إلى الثورة على سلطه البابا الكهنوتية؛ الأمر الذي أثمر تناقضا متشدداً بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية في نظرتهما إلى موضوع الأسرار الكنسية عموما وسر الشكر خصوصا؛ وصار لاحقا هذا التشدد بينهما في إعتبار الأسرار؛ علامة فارقة على الانشقاق والاتهامات المتبادلة بينهما!
الكنيسة الأرثوذكسية لم تكن ولَم تدخل طرفاً في هذا الصراع لأسباب أهمها:
أن مارتن لوثر كان يسعي أساسا بالعودة بالكنيسة إلى الأرثوذكسية! وأنه كان قارئاً جيداً للقديس أثناسيوس! وهذه البصمة ماتزال واضحة في الكنيسة اللوثريه؛ وما لا يقبل الجدال عليه وما لن نسمح للجهلة باللاهوت الأرثوذكسي أن يزايدوا عليه بجهلهم المريض؛ هو أن الكنائس الأرثوذكسية لا تؤمن بتحول المادة الذي تؤمن به الكنيسة الكاثوليكية! ولكنها تؤمن "بتحول الجوهر دون العرض" والعرض هنا هو مادة الخبز؛ الذي تظل مادته الظاهرة خبزاً كما هي؛ بينما يتحول في جوهره روحيا أي بالروح القدس إلى جسد المسيح المحي الممجد (راجع موسوعة الأنبا غريغوريوس اللاهوتية؛ سر القربان المقدس)
والأمر الذي لا يقل خطورة عن عدم فهم ما هو التحول في اللاهوت الارثوذكسي؛ هو التصور الأعمي الجاهل:
أن كل الذين يتقدمون إلى التناول؛ ينالون الشركة مع جسد الرب علي أي حال! فهذا التعليم الفاسد والمدمر الذي ضللت بها النفوس يتناقض تماما مع التسليم الكنسي ومع نصوص العهد الجديد: "إذن أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون إستحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس لأن الذي يأكل ويشرب بدون إستحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب؛ من أجل ذلك فيكم ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون" (١كو ٢٧- ٣٠)
إذا فلن يتحد بالحياة التي في الجسد المحي إلا من كان مستعداً ومستحقاً بالتوبه والسهر؛ وما عدا ذلك فلن يتحد بعطية الحياة الابدية؛ بل بالعكس سينال دينونة وتأديباً؛ فكيف ينال مثل هذا شفاءً بالتناول؟! أم أنه الجهل غير المقدس! وثمرة تقديم أشخاص لم يدرسوا لاهوت الكنيسة الأرثوذكسية لنوال الكهنوت والاسقفية؛ والقيام بمهمة التعليم عن جهل وعدم معرفة؟!