في لقاء تليفزيوني على التلفزيون البريطاني، سُئل كبير الأطباء النفسيين في بريطانيا: ما هو علاج الاكتئاب؟ فأجاب: إن علاج الاكتئاب الناجح هو الفرح؛ فغياب الفرح هو المسبب الرئيسي للاكتئاب.
وفى سؤال آخر وُجه إلى جراح القلب العالمي الدكتور مجدى يعقوب: ما هو الأكثر خطراً على القلب؟ -فأجاب: الحزن هو الخطر الأكبر، لأنه يستطيع أن يقتل. فالأطباء يتحدثون عن دور التفاؤل والعامل النفسي في تحقيق الشفاء من الأمراض حتى من السرطان! ناهيك عما هو معروف لنا من الارتباط الشرطي بين الغضب والاحزان والجراح، وحالات القرحة المعدية والقولون العصبي والسكري، وطابور طويل من الأمراض الجسدية الناتجة عن الاحزان والضغوط النفسية.
هنالك وسائل كثيرة تُدخل البهجة على قلوب البشر، مثل: الضحك ومشاهدة الأعمال الكوميدية أو الغناء والطرب أو الموسيقى، وطابور طويل من الأشياء التي تُسلي الناس وتجعلهم يشعرون بالبهجة، مثل: جلسات السمر ولقاء العائلات والأصدقاء المُتفاهمين، وغير ذلك كثير؛ ولكن السؤال الجاد المُلح هنا هو: هل تنجح وسائل التسلية والترفيه المتعددة في أن تستأصل ألم النفس ومرارتها، أو حزنها على الفقد والخسارة أو غير ذلك؟ أم أنها فقط تقوم بدور المُسكن والمهدئ الوقتي الذي يزول أثرهُ بانتهاء تأثير المؤثر؟
ولكن هل حقاً أن سبب الحزن العميق هو فقط الألم، والفقدان، والخسارة؟ أم أن دافع الحزن أقوى وأعمق في نفس الإنسان من كل ذلك؟ وتأتي العوامل المباشرة لتكشف وتضاعف من حالة إحساس الإنسان بالحزن العميق؛ ثم ماذا عن الحالات التي تنتاب الإنسان بإحساس الحزن والاكتئاب بغير مبرر أو سبب ظاهر أو مباشر؟
ثم يبقى السؤال الكبير: لماذا فشل التقدم الطبي الهائل في انجاز علاجات جذرية للأمراض النفسية في معظم الحالات، ويظل المرضى محتاجين إلى تعاطي البدائل والمسكنات لأوقات طويلة؛ وربما مدى الحياة؟
ربما سنجد الإجابة على هذه الأسئلة من وجهة نظرنا في هذه الحادثة التاريخية المشهورة: حينما قامت الثورة البلشفية في روسيا، وقتلت عائلة القيصر الروسي "رومانوف"، وفرضت على الشعب الروسي الإلحاد بقوة وقسوة مقترناً بالنظام الشيوعي؛ فقد وصل عدد المؤمنين قبل حكم "غورباتشوف" إلى عشرين مليون مسيحي في الخفاء؛ فلما انهار النظام الشيوعي وتفكك الإتحاد السوفيتي مع نهاية عهد "غورباتشوف" اندفعت الأعداد المهولة إلى العودة إلى الإيمان بما في ذلك "بوتين"، حتى تجاوز عدد المسيحيين في روسيا الآن نسبة ٧٣٪ من السكان حسب إحصاء ٢٠١٠.
إذا كنت تعاني من هذا الإحساس الباطني بالفراغ وغياب الفرح القلبي الحقيقي؛ وقد جربت كل وسائل الترويح والمبهجات والنجاحات، ولم تصل بعد إلى الفرح العميق وابتهاج الروح والنفس والجسد معاً!
فهل عندك مانع أن أُشير عليك بالطريق الذي وجد فيه وبه الكثيرون معنى الحياة وقوة الفرح؟ وعموماً هذه خبرتي إن شئت! إنها قوة الحياة الأبدية المُغيرة التي حَصلتُ عليها من المسيح بالروح القدس؛ هي التي روَّت نفسي بالفرح والحب والحياة والبهجة والإحساس بالوجود؛ لأنه هو الذي فيه الحياة، التي هي نور الإنسان وسر فرحه ووجوده. فما لم يحصل الإنسان على دواء الحياة والحب من مصدر الحب والحياة، فمن أين له بالفرح والابتهاج وتحقيق الوجود والحياة.
يقول المسيح له المجد:
"أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي." (يوحنا ١٤ : ٦)
"أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يوحنا ٨ : ١٢)