ما هو الخلاص الذي يبشرنا به إنجيل المسيح؟ ومن ماذا سيُخلصنا؟
مشكلة الإنسان في الماضي والحاضر، أنه يشعر بالوحدة والفراغ وأن عطشه وحاجته للمحبة مستمرين؛ وعلى الرغم من وجود أشخاص كثيرين حوله يظهرون أو يقدمون له المحبة، فواقع الأمر أن أحدًا ما أو شيئاً ما غير قادر أن يشبع احتياجه للمحبة بصفة دائمة، أو يستطيع أن يقدم له الفرح والشبع الذي يجعله مُرتوياً في أعماقه، وقادراً على أن يحقق ذاته. فسرعان ما يتبخر إحساسه بالسعادة والتمتع الذي كان قد حصل عليه من خلال الترفيه أو الميديا أو الأصدقاء أو الجنس، لأن هناك شيئاً ما يجهله يسكن أعماقه ينضح عليه بالخوف والقلق والاضطراب، أو يذكره بالأحزان وجراح الآخرين أو التفكير في أعباء الحياة ومشاكلها. وكلما حاول أن يسلى نفسه أو يروح عن نفسه بأي وسيلة من الوسائل المتاحة له، إلا أن هذا الترويح ينتهى بانتهاء المُسكن. وهذا هو ما يسبب للبعض مشكلة الإدمان أكان إدمان المسكنات أو المخدرات أو الجنس أو أي شيء آخر يسعى به للراحة وسكون العقل والنفس.
فضلاً عن صراعات الحياة وما تنتجه من الغضب والاحزان والخوف من المستقبل والخسارة التي تضَّعف شقاءه الداخلي وإحساسه بالقلق حتى أن بعض الإحصائيات تدل على أن نسبة كبيرة من أناس هذا العصر لا يستطيعون أن يعيشوا بدون المهدئات.
هناك حكمة قديمة تقول: أن الطبيب هو من ينجح في أن يعالج مرضك وآلامك علاجاً جذرياً وليس هو من يقول عن نفسه أنا طبيب ماهر. ويستطيع أي صديق أن يقول لك كلاماً فلسفياً كثيراً، وأن يقنعك بأن أفكاره عملية ومنطقية، دون أن يهب لعقلك ونفسك راحة حقيقة.
إنه أمراً شبيه بمن يقدم ماءً مالحاً لعطشان فيخدعه إحساس الشرب من الماء بأنه سيرتوى، بينما هو في الحقيقة يزداد عطشاً لا ارتواءً.
وهنا تأتى بشارة الإنجيل لتقدم للإنسان وعداً وطريقاً للخلاص من الحزن والاكتئاب والإحساس بالوحدة والفراغ واللا معنى واللا قيمة واللا رجاء. وهذا هو ما يصفه الإنجيل بأنه خلاص المسيح.
كثيرون يقولون إنهم جربوا مشورة الإنجيل، وحصلوا على هذا الخلاص، وحصلوا به على راحة القلب وسلام العقل وفرح النفس وشفاء الضمير.
الكلام كثير وسهل وأساليب التشويق والتسويق صارت بلا نهاية، ولكن العبرة بالخبرة والنتيجة الفعلية؛ وهذ هو المحك الفعلي لامتحان واختبار البشارة التي يقدمها الإنجيل للإنسان. فإذا نجحت بشارة الإنجيل بتسليم الإنسان هذا الخلاص من الفراغ والكآبة والضيق والحزن، فحينئذاً تكون التجربة العملية قد برهنت على صدق بشارة الإنجيل للإنسان، وهذا هو معنى خلاص المسيح، بطريقة تطبيقية حياتية مُعاشه لمن يريد!
يقول المسيح له المجد: "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم." (متى ١١ : ٢٨)
سنتابع في المقالات التالية الإجابة على هذه الأسئلة لمن يريد:
كيف يقدم لي المسيح هذا الخلاص، وكيف يمكنني أن أحصل عليه إذا اقتنعت ورغبت في الحصول عليه؟
وما الذي يحققه لي الخلاص في حياتي الحاضرة عملياً؟