بعد التأكيد على أن كل الكتاب (العهد القديم) موحى به من الله، وأنه نافع للتقويم والتوبيخ الذي في البر، وأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس، وان المسيح له المجد ورسله القديسين اقتبسوا من العهد القديم ما هو متوافق مع الإنجيل؛ فإنه تظل هنالك فروق جوهرية بين العهد القديم والجديد؛ إنكارها يعني المساومة على حق الإنجيل، وإنكاره!
١- أن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد لأحد (يو٣٩/٧) في العهد القديم! ولم تصر البشرية (الكنيسة) بعد؛ مسكنا لله في الروح (أف٢٢/٢) ولم يسكن فيهم الروح القدس بعد ١كو١٦/٣)!
٢- أن يكون دم يسوع المسيح معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم (١بط٢٠/١) فهذا لا يمنع:
أ- أن إبليس كان هو رئيس هذا العالم (يو١١/١٦)
ب- أن الغلبة على الخطية والموت بالصليب لم تكن قد تمت بعد (عب٢٦/٩) (٢تي ١٠/١)
ج- أن أحدًا لم ينل الخلاص؛ لأن الخلاص هو الاتحاد بالمسيح الغالب للموت والخطية (رو١٠/٥)
٣- أن كل البشرية كانوا جالسين في الظلمة وظلال الموت (أش٢/٩) (مت ١٦/٤)
٤- أن أحدًا من البشر بما في ذلك الأنبياء؛ لم يرى الله (خر٣٣/٢٠) (يو ١٨/١)
٥- أن أحدًا من البشر لم ينل نعمة التبني قبل التجسد والقيامة (أف ٥/١)
٦- أن العهد القديم تأسس على الناموس (أي الشريعة) الذي نجح في أن يحقق نوعًا من الانضباط في السلوكيات والحقوق، وحقوق الغير نحوهم؛ ولكنه لم ينجح في أن:
أ- يغير جوهر الإنسان وطبيعته
ب- وبالتالي لم يقدر على تجديد طبيعة الإنسان
ج- ولم يقدر أن يبطل عبودية الخطية والموت (عب ١٤/٢)
د- وبالتالي لم يمكنه تحرير الإنسان من قيود وسلطان الشيطان عليه (رو١٦/٦)
٧- أن تعريف الخطيئة في العهد القديم هو: "التعدي على الناموس" ومن ثم فقد كان تعريف الغفران هو: الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله. "رو٢٥/٣" (علي الرغم من أن الطبيعة الإنسانية مازالت تحت الخطية والموت)؛ أما تعريف الغفران في العهد الجديد؛ فقائم على التطهير (عب ٣/١) بغلبة المسيح على الصليب (بدمه)؛ ونوال نعمة الطبيعية الجديدة (رو٤/٦)، وتجديد الذهن (٢/١٢)، والتقديس بعمل روح القداسة (١بط٢/١).
فلماذا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع؟ هل على حساب المحسوبية؛ أنهم قد صاروا "من شِلّتنا" ومحاسيب الإيمان بالمسيح؛ أم لأنهم دخلوا في ناموس جديد: هو ناموس الطبيعة الجديدة بالروح القدس (روح الحياة)؟!؛ فكيف يدان (رو٢/٨)؛ وعلى أي شيءٍ يدان من تجددت طبيعته وهو ينمو في التجديد والمعرفة حتى يصل إلى تلك الصورة عينها - التي لخالقه؟ (كو١٠/٣) وأما الذين ما يزالوا في طبيعتهم العتيقة ومستعبدين للخطية فما يزالوا تحت الدينونة والموت.
ومن ثم فإن الذين يُعَلِّمُون أن نعمة العهد الجديد هي غفران الخطايا (ما تقدم منها وما تأخر) على حساب دم المسيح بالإيمان بالمسيح مخلصًا شخصيًا؛ فإنهم "يخدعونهم" طبقًا لحق الإنجيل الذي يرى أن الغفران هو التطهير الفعلي الناتج عن تجديد الطبيعة وتجديد الذهن؛ بقبول المسيح الغالب بالصليب والاتحاد به؛ والذي يتكمّل بطاعة الروح القدس؛ للتقديس (١بط ٢/١)
الفرصة لم تَضِعْ بعد للذين لم يتعلموا حق الإنجيل (كما حدث معي في شبابي!) وللذين لم يدركوا بعد الغلبة على الخطية، ولا حياة النصرة بالمسيح يسوع؛ بالتحول من منهج الناموس إلى طلب وقبول نعمة تغيير وتجديد الطبيعة من المسيح
ومن هنا فقد صار واضحًا للجميع؛ لماذا أقاوم بشدة إنكار حق الإنجيل أو التنازل عنه عن قصد أو عن غير قصد؛ باستدعاء مفاهيم العهد القديم المؤسسة على "ناموس لم يكمل شيئا" (عب ٧/١٩)؛ والتشويش بها على جوهر خلاص المسيح (باسم وحدة الكتاب المقدس وكلمة الله)؛ دون الاتحاد بالمسيح والغلبة الفعلية والمعاشة على الخطية، وعلى الموت، والشيطان؛ بصليبه المحي وقوة قيامته.
فإيمان وتصديق بصليب المسيح؛ لم يؤول إلى الاتحاد بطبيعته الجديدة الغالبة وروح القداسة؛ هو حالة من الوهم وخداع النفس وضلال التعليم؛ طبقًا لحق الإنجيل؛ وكذلك جهاد روحي دون تجديد الطبيعة والذهن وعمل روح القداسة؛ لن يؤدي إلا إلى الإحباط والتدين دون بلوغ قوة الحياة التي بالمسيح يسوع.