اعتاد البعض أن يرددوا عبارة أن الكاهن عنده سلطان(تفويض) من الله؛ أن يغفر الخطايا! وأن الكاهن في سر الاعتراف يقرأ صلاة التحليل علي رأس المعترف فيعطيه حِلًا يغفر خطاياه؛ ويسمح له بهذا الحِل بالتناول من الأسرار المقدسة؛ و بقية الشرح هنا هو: أن الله هو غافر الخطايا (أي الذي يصفح) عن الخطايا، ولكن الكاهن بصفته وكيل سرائر الله فإنه هو الذي ينطق بالنطق الملكي بالغفران، ويخبر به المعترف، وعليه: فلا غفران للخطايا بدون الاعتراف علي الكاهن فهل هذا هو تعليم الإنجيل والآباء الارثوذكس؟
ليس اسمه في الكنيسة الأرثوذكسية "سر الاعتراف"، ولكن يوجد عندنا "سر التوبة"؛ ثم من البديهي أن يعترف التائب بخطيئته؛ ولكن ما معني التوبة في العهد الجديد مقارنة بالقديم؟ وما الفرق بين معني الاعتراف بالخطيئة في القديم، والاعتراف بها في العهد الجديد؟ والسؤال الأساسي: هل الخطيئة فعلا موجهة إلي الله، أم أن من يخطئ، يخطئ ضد نفسه؟
طبقًا للشريعة (الناموس) التي هي وثيقة العهد القديم بين الله والانسان، فإن الخطيئة هي تعد على ناموس الرب ومن ثم فهي موجهة ضد الله ولذا تحتاج صفحا من الله عن الانسان المخطئ ولذا فإن الاعتراف بها يعني الإقرار بإنه مخطئ يرجع عن خطئه "من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يُرحم"(أم١٣:٢٨)
فهل الشريعة ماتزال هي وثيقة العهد بين الله والانسان، أم أن عهدًا جديدا قد صار بين الله والانسان على أساس آخر بخلاف الناموس: هو يسوع المسيح وناموس آخر هو ناموس الروح القدس؟ ومن ثم فمن يخطئ، يخطئ ضد نفسه. إذا بالخطية: يسري فيه الموت ويسود عليه (رو١٢:٥)، ويستعبد لإبليس بالخطية (يو٣٤:٨) لأن الخطية في الواقع هي تسليم إرادته لمشيئة إبليس "أنتم من أب واحد هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا" (يو٤٤:٨) وعليه فإن الاعتراف في العهد الجديد هو مواجهة مع النفس لكشف الخطية، والتوبة هي تغيير للمشيئة من طاعة إبليس الي الإتحاد بمشيئة الروح القدس، ثم أن الغفران في العهد الجديد يكون معناه إبطال الخطية (عب٢٦:٩) وتطهيرها(عب١:٣) لبلوغ النصرة عليها.
فالتوبة عن تعديات الشريعة (الناموس) والاعتراف بها يثمر صفحا بإمهال الله (رو٢٥:٣) ولكنه لا يؤول إلى تجديد الذهن والمشيئة ولا إلى تطهير الخطايا الذي ينفرد به العهد الجديد بذبيحة المسيح المُحيية.
س: فما الحاجة للاعتراف علي يد كاهن طبقا للاهوت الارثوذكسي؟
ج: إذا كانت "خطيئة" قد فصلت المؤمن عن الوحدة والشركة في جسد المسيح وقد قُيِد بها؛ فسيحتاج الي أن يَحِلّْ الكاهن قيود وربط الشيطان عنه (هذا بإفتراض أن الكاهن يعيش حياة النصرة وعنده سلطان علي الشياطين) وأن يرده إلى الشركة المقدسة التي كان قد انفصل عنها، ما عدا ذلك فللمؤمن الحق أن يتوب ويعترف بالمعني الذي شرحناه خلال الممارسة الافخارستيا دون الحاجة أن يلجأ الي الكاهن.
أما القول بأن الخطيئة لن تغفر إلا إذا إعترفت بها للكاهن، فلا أساس له من الإنجيل ولا من تعليم آباء الكنيسة الارثوذكس!
فإذا لم تؤول توبتك إلى تجديد ذهنك بتغير مشيئتك، فلن يكون لك غفران التطهير بدم المسيح؛ مهما اعترفت لكاهنك أو ترنمت ليل نهار "أنا مغسول بالدم" فلا تكن بعد نفسك: غنيمة للشرير ولسلطان الخطية بمفاهيم خادعة أو غير مؤسسة على "حق الإنجيل ".