تعليم العهد الجديد بواسطة الرسول بولس واضح ومحدد: أما الآن فقد ظهر بر الله "بدون" الناموس (الذي هو فخر وأساس اليهودية)؛ وعلى الرغم من أن بر الله (أي المسيح) قد ظهر بدون أي حاجة إلى الناموس! فإنه (أي المسيح) مشهودًا له من الناموس والأنبياء (أي العهد القديم) (رو٢١/٣)؛ يعني بوضوح أنه على الرغم من أن المسيح له المجد لم يهدم (ينقض) الناموس؛ إلا أنه قدم طريقًا جديدًا للبر من الله مباشرةً وبدون الناموس الذي هو شخصه المبارك؛ فإذن الإنجيل يقدم طريقًا آخر للبر جديدًا وفعالاً ومغيرًا ومانحًا للحياة الأبدية؛ بدون الناموس! وأيضاً يشهد له الأنبياء؛ ويشهد له الله بآيات وعجائب وقوات الروح القدس؛ وتبرهن بالقيامة من الأموات؛ وبدون الناموس!!
الكلام واضح: بدون الناموس! بدون الناموس!؛ فجُن جنون أهل الناموس والشريعة اليهودية لأن هذا معناه الاستغناء عن الناموس كطريق للبر؛ بطريق أفضل منه (أي المسيح) حتى وإن كان لم يهدم ولم ينقض الناموس!
فلما لجأوا إلى العنف ضد الطريق الجديد؛ سقط زعيم العصابة الذي كان ينفث غضبًا وتهديدا؛ أسيرًا في النور الفائق؛ وصار مبشرًا بالإيمان الذي كان قبلاً يهدمه! حاولوا إلصاق ناموس يهوديتهم بالإنجيل؛ فتصدي لهم الفريسي السابق ومضطهد الإنجيل المهتدي: أيها الأغبياء؛ إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح! (غل ٢/٥) فلا يمكن وضع رقعة قديمة على ثوب جديد.
الكلام واضح ومحدد: المسيح له المجد لم يهدم (ينقض) الناموس؛ لكنه هو نفسه صار الطريق الأفضل والأكمل إلى البر؛ الذي لم ينجح الناموس في تحقيقه؛ يعني الاستغناء عن الناموس! وعن اليهودية!
فكانت المؤامرة والخدعة الكبرى التي لعبها اليهود بحرفية ونعومة وخبث؛ باختراق العقل واللاهوت المسيحي باسم وحدة الكتاب المقدس؛ لجعل المسيح خادمًا للناموس جاء ليتمم متطلباته! فلا يكون بديلًا له؛ ويتحقق بذلك هدف سياسي آخر هو أن يصبح الناموس (اليهودية) هو التشريع الحاكم؛ ويصير المسيح (والمسيحيين) الخاضعين والمنفذين لأوامر الناموس الخالد؛ الذي لا يمكن الاستغناء عنه ولا من المسيح نفسه؛ كما يعلم الرسول بولس (الفريسي المنشق) والعهد الجديد!
ومن هنا تم وضع نظريات: العدل والرحمة؛ وإشباع الغضب الإلهي لشرح الفداء وصليب المسيح؛ حتى يستبدل "حق الإنجيل" هكذا أحب الله العالم (البشر الخطاة)؛ لتصبح هكذا غضب الله على الإنسان الذي خالف الناموس المجيد؛ وأصر على أن تدفع له فدية وإلا فلن يغفر! كما أرادوا أن تكون وفقًا للناموس حسب رأيهم!
وحتى يستبدل "حق الإنجيل": أن الآب الذي أحبنا أعطانا حياة أبديه في ابنه (١يو١١/٥) لنحيا به؛ لكي تصبح: أن ابن الله رب الناموس والسبت قد جاء في الجسد لكي يتمم متطلبات الناموس حسب الصهيونية المسيحية!
وحتى يستبدل كذلك حق الإنجيل: أن ابن الله قد طرح رئيس هذا العالم؛ وقد جرد الرئاسات والسلاطين وظفر بهم بصليبه (كو١٥/٢)؛ وأبطل الخطية والموت بذبيحة نفسه (عب ٢٦/٩؛ ١٤/٢)؛ لكي تصبح حسب خداع المؤامرة الصهيونية: أنه قُدم كذبيحة لرد غضب الإله الغاضب وإيفاءً لمتطلبات وعدالة الناموس!
وكذلك: تصبح نعمة العهد الجديد من الاتحاد بالمسيح المحي؛ إلى مغفرة وعفو ونجاة من الجحيم …وهكذا وهكذا؛ حتى أنتجوا نسخة من المسيحية مخترقة لاهوتيًا بالناموس والتهود باسم وحدة الكتاب المقدس؛ وهذه هي المؤامرة الكبرى التي بها فرغوا المسيحية من جوهر قوتها بالاتحاد بالمسيح الغالب؛ لتصير مماثلة لليهودية؛ كالأصل والأساس الذي جاء ابن الله ليتمم ناموسها؛ برأيهم!
المؤسف والمحزن والمبكي: أن المسيحيين لم ينتبهوا لمؤامرة الصهيونية على إنجيل مسحيهم؛ وابتلعوا الطعم كاملًا باسم وحدة الكتاب المقدس؛ دون أن يسألوا أين هي نصوص الإنجيل التي تقول: أنني كنت مديون العلي، وأن الابن القدوس مات وفاءً للدين، ولكي يتمم متطلبات الناموس؛ وهل عبارة: "وكل شيءٍ تقريبًا يتطهر حسب "الناموس" بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة "(عب ٢٢/٩) قيلت عن صليب المسيح؛ أم كانت تصف حال المسكن القديم والناموس؟!