عانى الرسول بولس معاناة كبيرة من الأخوة الكذبة الذين لم يذعن بالخضوع لهم ولا ساعة واحدة؛ الذين حاولوا استعادة المسيحيين الي حظيرة الناموس والعهد القديم؛ الذين ما فتئوا يغيرون صورتهم وصوتهم ومداخلهم على مدي التاريخ؛ لخديعة المسيحيين باسم وحدة الكتاب المقدس وإخضاعهم من جديد للتهود!
فوحدة الكتاب المقدس هي المسيح: غاية نبوات وانبياء العهد القديم الذي أستعلن في العهد الجديد؛ وما بخلاف المسيح؛ فقد عتق وشاخ وهو قريب من الاضمحلال (عب ٨: ١٣)
ومما يؤسف له بالغ الأسف؛ انتشار تعبيرات غير انجيلية وغير كتابية من خلال مسيحيين يبشرون بأنفسهم أنهم الإنجيليين ودارسي الكتاب المقدس! فلا يوجد نص في الكتاب المقدس ولا في العهد الجديد اسمه “الحق الكتابي" بينما النص الأصيل في العهد الجديد هو "حق الإنجيل" (غل٢: ٥، ١٤، كو١: ٥)
وحي العهد القديم هو: "تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (٢بط ١: ٢١)؛ أما وحي العهد الجديد فهو الكلمة المتجسد نفسه الذي نزل من السماء: "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء"؛ فالمسيح نفسه له المجد: هو وحي العهد الجديد.
المقارنة بين وحي العهد القديم: الكلمة النبوية؛ ووحي العهد الجديد الابن الكلمة المتجسد؛ هي مثل المقارنة بين ضوء السراج ونور شمس النهار؛ وهذه المقارنة بالتعبيرات والتشبيهات هي كلمات العهد الجديد في رسالة الرسول بطرس (١بط٢: ١٩) "وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسنا إن انتبهتم اليها كما إلي سراج منير في موضع مظلم؛ إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم "
وحي العهد القديم: الله كلم الآباء بالأنبياء بأنواع وطرق كثيرة (عب ١: ١) حسمها المسيح له المجد علي هذا النحو: “الآب نفسه الذي أرسلني لم تسمعوا صوته قط، ولا رأيتم هيئته" (يو٥: ٣٧)
أما وحي العهد الجديد فهو: "كلمنا في هذه الأيام الاخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء" (عب١: ٢)
أنبياء العهد القديم الناطقين بالوحي والمسوقين بالروح القدس في نطقه؛ ولا واحد منهم رأي الله! "الله لم يره أحد قط"، "لا تقدر أن تري وجهي؛ لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر٣٣: ٢٠)
أما عن كتبة العهد الجديد فقد قال حنانيا للرسول بولس: "إله آبائنا انتخبك لتعلم مشيئته وتبصر البار وتسمع صوتا من فمه" (أع٢٢: ١٤)
هذه مختارات قليلة جدًا من الشواهد الإنجيلية التي تميز وتقارن بين وحي العهد القديم وقديسيه الذين: في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل رأوها من بعيد وصدقوها وحيّوها! (عب ١١: ١٣) وبين استعلان الابن الوحيد في العهد الجديد
لكن لماذا هذه الاستماتة غير المبررة ممن يقولون أنهم مسيحيين لمحاولة ربط الإيمان المسيحي بالعهد القديم، و المساواة بين وحي العهد القديم و استعلان الابن الوحيد في الجديد؟!
إنها الصهيونية المسيحية: التي تحاول استدعاء الأعمال (الناموس) إلى جوار الإيمان بالمسيح للخلاص! وأن تجعل من المسيح خادما للناموس جاء ليتمم متطلباته! والطابور طويل من الإحداثيات الخبيثة التي ابتلعها المخدوعين من المسيحيين على حساب "حق الإنجيل"