الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية عندها فهم حاسم للعلاقة بين كنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد: أن "الناموس كان مؤدبنا إلى المسيح" وأن المسيح قد جاء؛ ومن ثم فقد حل كهنوت المسيح محل الكهنوت الهاروني؛ وحل ناموس روح الحياة (الروح القدس والطبيعة الجديدة) محل ناموس العهد القديم (عب ٧: ١٢) وحلت كنيسة المسيح بعهده الجديد؛ محل كنيسة العهد القديم؛ وصارت الكنيسة المسيحية هي إسرائيل الجديد؛ وأن كل الوعود والبركات التي تنبأ بها أنبياء الله في العهد القديم لإسرائيل؛ صارت تلقائيًا الى إسرائيل الجديد: كنيسة المسيح يسوع؛ ومن ثم فإن خلاص البقية التقية من الشعب اليهودي لا تكون إلا بالإيمان بالمسيح ومن ثم فبالضرورة الانخراط في شركة جسده؛ كنيسته الوحيدة في الأرض وفي السماء؛ ملء الذي يملأ الكل في الكل.
وعليه تصبح جميع التفسيرات التي تتحدث عن تدبيرين للخلاص؛ أحدهما للمسيحيين والآخر لليهود: نوع من التجديف والهراء؛ من وجهة نظر لاهوت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية الذي يعتقد أن خلاص المسيح لا يكون إلا بالاتحاد بالمسيح، وأن الاتحاد بالمسيح يصير إلى الإنسان بالاتحاد بجسده: الكنيسة؛ وأن الكنيسة أي جسده مكونة من أعضاء جسده (أي المؤمنين) المتحدين بالرأس المسيح نفسه.
هناك فارق كبير بين أن تقرأ الكنيسة العهد القديم ويقتبس آبائها منه استشهادات؛ كما فعل المسيح له المجد ورسله؛ وبين ما تقوم به الحركة الصهيونية المسيحية؛ من تأسيس الإيمان المسيحي على العهد القديم باسم وحدة الكتاب المقدس! وابتداع تعبير الحق الكتابي؛ بدلا من تعبير العهد الجديد الأصيل: "حق الإنجيل"! ثم شرح لاهوت العهد الجديد وخلاص المسيح على أساسيات الناموس وذبائح العهد القديم؛ التي تجعل من المسيح رب الناموس والانبياء؛ خادما للناموس؛ جاء لتميم متطلبات الناموس بصليبه! الفكرة اليهودية المدسوسة على اللاهوت المسيحي في العصور الوسطى؛ التي ابتلعها بسهولة بلهاء المسيحيين!
الناموس كان مؤدبنا إلى المسيح؛ والمسيح قد جاء. وأنبياء العهد القديم كانوا يتنبأون عن المسيح؛ والمسيح قد أتي. والروح القدس لم يكن قد أعطي بعد (يو٧: ٣٩) للبشرية الجالسة في الظلمة وظلال الموت؛ وأما الآن فالنور الحقيقي يضيء؛ والروح القدس قد حل وسكن فينا وصيرنا هيكلا لله في الروح؛ وقد طرح المسيح: الشرير إلى الهاوية، وفك المقيدين وطهرنا من خطايانا .
ومع الاعتبار الكامل لأن ما كتب نافع للتعليم والتوبيخ الذي في البر؛ فعن ماذا يفتشون الآن في العهد القديم؛ بينما الذي فتش عنه الأنبياء كان هو المسيح نفسه الذي قد جاء في الجسد بعهده الجديد؟!
أم أن هنالك خطة مدبرة بالأدوات الناعمة وباسم وحدة الكتاب المقدس لجعل العهد القديم أساسًا للجديد، وجعلوا العهد الجديد تكملة للقديم! وليس أنه الغاية والكمال الذي كان ينتظره انبياء العهد القديم بظهور المسيح؛ الكلمة المتجسد؟!
أن يكون العهد القديم خلفية تاريخية للجديد شيء؛ وأن يكون أساسا للعهد الجديد فهذا شيء آخر: فلا يمكن أن يوضع أساس آخر غير الذي وضع الذي هو يسوع المسيح؛ فرجاء في المحبة تنبهوا إلى المكيدة الناعمة للإيمان المسيحي