هل أمر المسيح له المجد تلاميذه: أن يكرزوا بالإنجيل؛ أم أن يكرزوا بالعهد القديم؟ المسيح لم يهدم الناموس لأنه ليس هدامًا واستشهد بالتوراة، وعلى هذا النحو سارت الكنيسة المسيحية ورسل المسيح؛ لكن هل أوصى المسيح تلاميذه أن يكزوا بالتوراة! أم أنه كٓمّل على الأقل ٩٠٪ من أحكام التوراة: "قيل للقدماء أما أنا فأقول لكم"!
أظن أن هناك فارق كبير بين أن أكرز بحق الإنجيل الذي هو المسيح يسوع؛ ثم استشهد في كرازتي بالمسيح باقتباسات من العهد القديم كما كان رسل المسيح يفعلون؛ وبين استبدال تعبير العهد الجديد: “حق الانجيل" بتعبير مُخترع: "الحق الكتابي!" وأن تكون عظة الأحد في الكنائس الأمريكية وغيرها من العهد القديم (الكتاب المقدس) وربما تخللتها اقتباسات من العهد الجديد!
إنها نظرية معروفة في الدعاية والإعلام: أن تكرر وتلح على فكرة ما (فتصنع من الحبة قبة) وتهمل الفكرة المقابلة لها فتصغرها وتفرغها وتنسيها؛ وهذا ما حدث هنا في أمريكا بتخطيط ونفس طويل: أن بدأوا بتعميم التركيز على العهد القديم والحق الكتابي لعقود؛ حتى تمت إذابة الجديد في القديم! ثم قاموا في العشرين سنة الأخيرة باستجواب العهد القديم؛ ولما عجز الرعاة عن الإجابة دفاعًا عن العهد القديم؛ هجر الشباب الكنيسة والإيمان المسيحي لتبتلعهم الميديا وهوليود بالانحلال الجنسي والشذوذ من ناحية؛ وكذلك اليوجا من ناحية أخرى وصار كل ذلك يدرس في المدارس؛ لأنه ببساطة تم استبدال المسيح صخر الدهور؛ بالناموس الذي لم يكمل شيئًا!
فإذا تحولت من أمريكا إلى مصر ستدرك بوضوح كيف حدث هذا الاختراق اليهودي باسم الحق الكتابي للكنيسة المصرية من خلال الذين تتلمذوا على الثقافة الغربية ولاهوت العصور الوسطى الغربي دون آباء الكنيسة؛ ثم تبوأوا المناصب الكنسية ليثبتوا الحق اليهودي (الكتابي) بدلا من حق الإنجيل (الآبائي)
ثم وجد المتطاولون على الإيمان المسيحي فرصتهم في النقل عن المدرسة اللاهوتية الألمانية "نقد بلا سقف"High criticism في نقدها للعهد القديم ليخلطوا بين اليهودية الكتابية ومسيحية الإنجيل ويطرحوا هذه الإشكاليات للافتراء بها على إنجيل المسيح!
فهل جاء الوقت الذي تستفيق فيه الجماعة المسيحية من فخ التهود الذي نُصِبَ لها بمكيدة مدبرة ومخطط لها؛ وتعود إلى جذورها في إنجيل المسيح ونقرأ العهد القديم بعيون العهد الجديد كما علمنا آباء الكنيسة؛ وليس أن نشرح لاهوت العهد الجديد بناء على معطيات الناموس والقديم؟!